وقال الصنعاني اللغوي : هي فعيلة بمعنى مفعولة : ما يذرّ على الشيء ، وقصب الذريرة دواء يجلب من الهند واليمن ، يجعلون أخلاطاً من الطيب يسمّونها الذريرة. (١)
ووجدت بخطّ شيخنا الشهيد رحمهالله نقلاً عن بعض الفضلاء : أنّ قصب الذريرة هي القمحة التي يؤتى بها من ناحية نهاوند ، وأصلها قصب نابت في أجمة في بعض الرساتيق يحيط بها حيّات ، والطريق إليها على عدّة عقبات ، فإذا طال ذلك القصب ترك حتى يجفّ ، ثمّ يقطع عقداً وكعاباً ، ثمّ يعبَأ في الجوالقات ، فإذا أُخذ على عقبة من تلك العقبات المعروفة عفن وصار ذريرةً ، وتسمّى قمحة ، وإن سلك به على غير تلك العقبات ، بقي قصباً لا يصلح إلا للوقود.
قال المحقّق الشيخ علي في توجيه القول الأوّل : اللفظ إنّما يحمل على المتعارف الشائع الكثير ؛ إذ يبعد استحباب ما لا يُعرف ولا يعرفه إلا الأفراد من الناس. (٢)
وفي كلام المعتبر في الردّ على ابن إدريس إيماء إلى ذلك.
(و) كذا تستحبّ (الجريدتان من النخل) للميّت المؤمن ، واحدها جريدة ، وهي العود الذي يجرد عنه الخوص ، ولا يسمّى جريداً ما دام عليه الخوص ، وإنّما يسمّى سعفاً.
وعلى استحباب الجريدتين إجماع الإماميّة ، وقد ورد بهما الأخبار من طُرُق العامّة : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال خضّروا موتاكم فما أقلّ المخضّرين. (٣)
وأسند سفيان الثوري من العامّة إلى الباقر عليهالسلام حين سأله عن التخضير ، فقال جريدة خضراء توضع من أصل الثدي (٤) إلى أصل الترقوة. (٥)
والأصل في شرعيّتهما مع ذلك أنّ آدم عليهالسلام لمّا هبط من الجنّة خلق الله تعالى من فضل طينته النخلة ، فكان يأنس بها في حياته فأوصى بنية أن يشقّوا منها جريداً بنصفين ويضعوه معه في أكفافه ، وفَعَله الأنبياء عليهمالسلام بعده إلى أن درس في الجاهليّة ، فأحياه نبيّنا صلىاللهعليهوآله. (٦)
وفي صحاح العامّة عن ابن عباس أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله مرّ بقبرين فقال إنّهما ليعذّبان
__________________
(١) حكاه عنه الشهيد في الذكرى ١ : ٣٥٩.
(٢) جامع المقاصد ١ : ٣٩٤ وفيه : ما لا يُعرف أولا تعرفه الأفراد من الناس.
(٣) لم نعثر عليه في مصادر الحديث لأبناء العامّة ، المتوفّرة لدينا ، ونحوه في الكافي ٣ : ١٥٢ / ٢ ؛ والفقيه ١ : ٨٨ / ٤٠٨.
(٤) في الكافي والفقيه : «اليدين» بدل «الثدي» وفي الوسائل : «الثديين».
(٥) الكافي ٣ : ١٥٢ / ٢ ؛ الفقيه ١ : ٨٨ ـ ٨٩ / ٤٠٨ ؛ الوسائل ٣ : ٢٦ ، الباب ١٠ من أبواب التكفين ، الحديث ١.
(٦) المقنعة : ٨٢ ـ ٨٣ ؛ التهذيب ١ : ٣٢٦ / ٩٥٢ و ٩٥٣.