وفي خبر يونس عنهم عليهمالسلام ، قال في تحنيط الميّت وتكفينه ابسط الحبرة بسطاً ، ثمّ ابسط عليها الإزار ، ثمّ ابسط القميص عليه ، ثمّ اعمد إلى كافور مسحوق فضَعه على جبهته إلى أن قال ثمّ يحمل فيوضع على قميصه ويردّ مقدّم القميص عليه (١) الحديث. وهو دالّ صريحاً على تقديم الحنوط على التكفين وإن تأخّر عن البسط. وبمثله عبّر في الذكرى والبيان. (٢)
والظاهر عدم الترتيب بينه وبين التكفين.
والنيّة معتبرة فيهما ؛ لأنّهما فعلان واجبان ، لكن لو أخلّ بها ، لم يبطل الفعل.
وهل يأثم بتركها؟ يحتمله ، لوجوب العمل ، ولا يتمّ إلا بالنيّة (٣) لقوله عليهالسلام لأعمل إلا بنيّة. ؛ وعدمه أقوى ؛ لأنّ القصد بروزهما للوجود ، كالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقضاء الدّيْن وشكر النعمة وردّ الوديعة ؛ فإنّ هذه الأفعال كلّها يكفي مجرّد فعلها عن الخلاص من تبعة الذمّ والعقاب ، ولكن لا يستتبع الثواب إلا إذا أُريد بها التقرّب إلى الله تعالى ، كما نبّه عليه الشهيد رحمهالله في القواعد. (٤)
ومن هذا الباب توجيهه إلى القبلة ، وحمله إلى القبر ودفنه فيه ، وردّ السلام ، وإجابة المسمّت ، والقضاء والشهادة وأداؤها.
أمّا غسل الميّت فلا ريب في اشتراط النيّة فيه إذا لم نجعله إزالةَ نجاسةٍ ، فلا يقع معتبراً في نظر الشرع إلا بها ، كنظائره من الأغسال.
(واغتسال الغاسل قبل التكفين) إن أراد هو التكفين ، والمراد به غسل المسّ (أو الوضوء) الذي يجامع غسل المسّ للصلاة.
وعلّل ذلك في التذكرة بأنّ الغسل من المسّ واجب ، فاستحبّ الفوريّة. (٥)
فإن لم يتّفق ذلك أو خِيف على الميّت ، غسل الغاسل يديه من المنكبين ثلاثاً ثمّ
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٤٣ / ١ ؛ التهذيب ١ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧ / ٨٨٨.
(٢) الذكرى ١ : ٣٧٤ ؛ البيان : ٧٢.
(٣) التهذيب ٤ : ١٨٦ / ٥٢٠ عن الإمام الرضا.
(٤) القواعد والفوائد ١ : ٨٩ (الفائدة التاسعة).
(٥) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٨ ، المسألة ١٦٨.