الصادرة عن الاختيار. ولو سُلّم ، فمفهوم الشرط أقوى.
الخامس : اعتمادهم في دفع التنافي على كون قوله تعالى (فَإِذا تَطَهَّرْنَ) كلاماً مستأنفاً كما قرّره المصنّف في المختلف (١) لا يدفع التنافي بوجه ؛ لأنّ الحجّة ليست في كونه معطوفاً على ما قبله حتى يدفعه الحمل على الاستئناف ، بل في تصديره بأداة الشرط ، الدالّة على اشتراط الإتيان بالتطهّر.
السادس : حَملُ الطهارة على غَسل الفرج كما حمله المصنّف (٢) فيه أيضاً لا يوافق مذهبه ، فإنّه لا يشترط في الإباحة غسل الفرج ، (٣) فلا وجه لجَعله شرطاً ، مع مخالفته لمدلول الطهارة شرعاً وعرفاً.
وإن حمل غَسل الفرج على كونه شرطاً في الاستحباب كما ورد في بعض (٤) الأخبار عُورض بأنّ حمله على الغسل أولى ، فإنّ استحبابه ثابت عنده ، فيكون أوفق بظاهر اللفظ إن لم يتعيّن المصير إليه.
السابع : حَملُ قراءة التضعيف على الاستحباب بمعنى توقّف الوطي على الغسل استحباباً عدول عن الحقيقة والظاهر ؛ فإنّ صدر الآية النهي عن القرب المغيّا بالطهارة ، والنهي دالّ على التحريم فكيف يعلّق على المستحبّ!؟
الثامن : حَملُ الأخبار الدالّة على النهي الذي هو حقيقة في التحريم على الكراهة ؛ جمعاً بين الأخبار غير مطابق للواقع ؛ لوجهين :
أحدهما : أنّ هذه الروايات دلّت على الحظر ، وما ذكروه من الروايات دلّ على الإباحة ، وإذا تعارض خبر الحظر والإباحة ، قدّم الخبر الدالّ على الحظر ، كما قرّر في الأُصول.
الثاني : أنّ ذلك إنّما يكون مع تكافؤ الأخبار والحال أنّ أخبار الحظر أقوى وأكثر ، يعلم ذلك مَنْ راجع فيه كُتُبَ الحديث.
والذي استفيد من ذلك كلّه قوّة ما ذهب إليه الصدوق رحمهالله ؛ لدلالة الآية ظاهراً عليه ، وورود الأخبار الصحيحة به وإن عارضها ما لا يساويها.
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ١٩٠ ، المسألة ١٣٤.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ١٩٠ ، المسألة ١٣٤.
(٣) نهاية الإحكام ١ : ١٢٠.
(٤) الكافي ٥ : ٥٣٩ / ١ ؛ التهذيب ١ : ١٦٦ / ٤٧٥ ، و ٧ : ٤٨٦ / ١٩٥٢ ؛ الاستبصار ١ : ١٣٥ / ٤٦٣.