قال الشهيد رحمهالله : وهذا الخبر لم يذكره المتعرّضون لبحث هذه المسألة ، وهو من أقوى الأخبار دلالةً وسنداً ، أورده في التهذيب في باب تفصيل واجب الصلاة. (١)
ويدلّ على وجوب محلّ النزاع لغيره على الخصوص عطفه على الوضوء المشروط بالصلاة إجماعاً في قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (٢) وعطف التيمّم عليه المشروط بها أيضاً اتّفاقاً ، فلو لا كون حكمه كذلك ، لزم تهافت كلامه تعالى بتوسيطه معطوفاً بين عبادتين مشروطتين كذلك مصرّحاً بالاشتراط في أُولاهنّ بقوله (إِذا قُمْتُمْ) (٣) والحكم إذا صدر بأداة الشرط ، لزم من انتفائه انتفاؤه ؛ قضيّةً للاشتراط ، فلا يرد أنّ الإيجاب لأجل الصلاة لا ينفي الوجوب بدونها.
والمصنّف رحمهالله أجاب عن ذلك بالمنع من مساواة المعطوف للمعطوف عليه في الحكم ، (٤) مع أنّه قد ادّعى في غير موضعٍ التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه ، (٥) فمنعه هنا خاصّة غريب ، مع أنّك قد عرفت أنّا لو سلّمنا عدم لزوم المساواة ، فالاحتجاج بها باقٍ باعتبار توسّط الغسل بين طهارتين مشروطتين.
ويدلّ عليه أيضاً صحيح الكاهلي عن الصادق عليهالسلام في المرأة يجامعها الرجل فتحيض وهي في المغتسل هل تغتسل؟ قال قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل (٦)» علّل عليهالسلام عدم الغسل بمجيء ما يفسد الصلاة عاطفاً بفاء التفريع ، فدلّ بالإيماء على أنّ وجوب الغسل إنّما كان ناشئاً عن وجوب الصلاة ، وإلا لزم عدم مطابقة الجواب للسؤال ؛ إذ لا يلزم من إبطال الصلاة إبطال الطهارة ، والمسؤول عنه إنّما هو فعل الغسل حال الحيض ، فالجواب عنه بمجيء مفسد الصلاة لو لم يرد ما قلناه غير مطابق سيّما والإمام عليهالسلام قد علم من قول السائل بمجيء المفسد لها ، فهو مثل قوله عليهالسلام أينقص إذا جفّ (٧)»؟
في الإيماء إلى التعليل ، فدلالة الخبر حينئذٍ ليست من باب المفهوم ، كما أورده المصنّف في المنتهي. (٨)
__________________
(١) الذكرى ١ : ١٩٤.
(٢) المائدة (٥) : ٦.
(٣) المائدة (٥) : ٦.
(٤) مختلف الشيعة ١ : ١٦١ ، المسألة ١٠٧.
(٥) منتهى المطلب ٢ : ٢٥٧.
(٦) الكافي ٣ : ١٨٣ / ١ ؛ التهذيب ١ : ٣٧٠ / ١١٢٨ ، و ٣٩٥ / ١٢٢٤.
(٧) المستدرك للحاكم ٢ : ٣٨.
(٨) منتهى المطلب ٢ : ٢٥٨.