والاحتجاج على تحريم ما زاد بالإذن في قراءة السبع أو السبعين ضعيف ؛ فإنّ قراءة ما زاد على العدد أعمّ من التحريم ، بل يجوز أن يكون مكروهاً أو مباحاً.
(ويجب عليه) أي على المجنب (الغسل) بسبب الجنابة وإن لم يكن مخاطباً بمشروطٍ بالطهارة عند المصنّف ، فوجوبه عنده لنفسه (١) بمعنى أنّه سبب تامّ في وجوب الغسل شرعاً وإن كانت الذمّة بريئةً من عبادةٍ مشروطة بالغسل ، محتجّاً بالأدلّة الدالّة بإطلاقها أو عمومها على ذلك ، كقوله عليهالسلام إذا التقى الختانان وجب الغسل (٢)» وإنّما الماء من الماء (٣)» (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (٤) وقول عليّ عليهالسلام أتوجبون عليه الرجم والحدّ ولا توجبون عليه صاعاً من ماء (٥)»؟! وقوله عليهالسلام إذا أدخله فقد وجب الغسل. (٦)» ولأنّه لو لم يجب إلا لما يشترط فيه الطهارة ، لما وجب أوّل النهار للصوم ، والتالي باطل إجماعاً فالمقدّم مثله ، والملازمة ظاهرة. (٧)
والأكثر (٨) على أنّ وجوبه مشروط بوجوب شيء من الغايات المتقدّمة ، كباقي أغسال الأحياء ؛ إذ لا خلاف بينهم في وجوبها لغيرها.
وممّا يدلّ على اشتراك هذه الأغسال غير غسل الميّت في تعلّق وجوبها بوجوب الغايات تضيّقها بتضيّق وقتها واتّساعها بسعته ، فلا وجه لإخراج غسل الجنابة من البين.
ويدلّ على الجميع أيضاً ما رواه زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة ، ولا صلاة إلا بطهور (٩)» وفي «إذا» معنى الشرط ، فينتفي المشروط بانتفائه ؛ لأنّ مفهوم الشرط حجّة عند كثير من الأُصوليّين ومنهم المصنّف. (١٠)
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ١٥٩ ، المسألة ١٠٧ ؛ منتهى المطلب ٢ : ٢٥٦.
(٢) مسند أحمد ٧ : ٣٤١ / ٢٥٤٩٤ ، عن النبي ، الكافي ٣ : ٤٦ / ٢ ؛ التهذيب ١ : ١١٨ / ٣١١ ؛ الاستبصار ١ : ١٠٩١٠٨ / ٣٥٩ عن الإمام الرضا.
(٣) صحيح مسلم ١ : ٢٦٩ / ٣٤٣ ، مسند أحمد ٣ : ٤٤٣ / ١١٠٤٢ ، المعجم الكبير للطبراني ٤ : ٢٦٧ / ٤٣٧٤.
(٤) المائدة (٥) : ٦.
(٥) التهذيب ١ : ١١٩ / ٣١٤.
(٦) الكافي ٣ : ٤٦ / ١ ؛ التهذيب ١ : ١١٨ / ٣١٠ ؛ الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٨.
(٧) مختلف الشيعة ١ : ١٦١١٥٩ ، المسألة ١٠٧.
(٨) منهم ابن إدريس في السرائر ١ : ١٢٨.
(٩) التهذيب ٢ : ١٤٠ / ٥٤٦.
(١٠) انظر : مبادئ الوصول إلى علم الأُصول : ٩٨ ، ونهاية الوصول إلى علم الأُصول ، المقصد الرابع : في الأمر والنهي ، الفصل الثالث : في مقتضيات الصيغة ، البحث السادس : في أنّ المعلّق بشرطٍ عدم عند عدمه.