وكذا الحال بالنسبة إلى زيارة الإمام الرضا عليهالسلام (١) ، فهناك روايات كثيرة
________________
ـ هنا نكتة نشير إليها استطرادا في سر رجحان زيارة الإمام الرّضا عليهالسلام على زيارة الإمام الحسين عليهالسلام في بعض الأخبار ، ففي معتبر ابن مهزيار ـ بعد أن قال لأبي جعفر عليهالسلام : زيارة الرضا عليهالسلام أفضل أم زيارة أبي عـبد الله الحسين عليهالسلام؟ ـ قال عليهالسلام : زيـارة أبي أفضل ، وذلك أنّ أبا عبد الله عليهالسلام يزوره كلُّ النّاس ، وأبي لا يزوره إلاّ الخواصُّ من الشيعة (الكافي ٤ : ٥٨٤ / ١ ، كامل الزيارات : ٥١٠ / ٧٩٦ ، تهذيب الأحكام ٦ : ٨٤ / ١٦٥ ، وسائل الشيعة ١٤ : ٥٦٢ ـ ٥٦٣ / ١٩٨٢٩).
وفي بعض المعتبر قال : قال عبدالعظيم لأبي جعفر عليهالسلام : قد تحيّرت بين زيارة قبر أبي عبد الله عليهالسلام وبين زيارة قبر أبيك عليهالسلام بطوس فما ترى؟
فقال لي : مكانك ، ثمّ دخل وخرج ودموعه تسيل على خدّيه ، فقال : زوّار قبر أبي عبد الله عليهالسلام كثيرون ، وزوّار قبر أبي عليهالسلام بطوس قليلون. (عيون أخبار الرضا ١ : ٢٨٧ / ٨ ، وعنه في بحار الأنوار ٩٩ : ٣٧ / ٢٦).
فلا يستبعد أن تكون تفاصيل زيارة الإمام الرضا عليهالسلام أتت لقلة زواره وهجرانهم لقبره عليهالسلام على أثر شبهات الواقفة من أمثال القندى وابن البطائني لعنهما الله.
لان الواقفة بادعائهم الوقف على الإمام الكاظم عليهالسلام وقولهم بغيبة قد أنكروا امامة خمسة من ولد الإمام الرضا عليهالسلام ومن ولد الحسين بن على بن أبى طالب ، وهذه هي خيانة لمسيرة الامامة الالهية ، فقد يكون الإمام الجواد عليهالسلام أطلق عليهم أنهم من خواص الشيعة لهذا السبب ، لان الإمام الرضا صار غريبا بعد الوقف على امامة أبيه الكاظم ، ولان الكيسانية كانوا قد تركوا امامة زين العابدين ولم يقولوا بها ، والزيدية أيضا لم تقل بامامة الباقر عليهالسلام ، والاسماعيلية لم تقل بامامة الكاظم عليهالسلام ، والآن الإمام الرضا وبعد الوقف على الكاظم صار غريبا لايزوره الا الخواص من الشيعة ، فعن عبد العظيم الحسنى قال : سمعت على بن محمّد العسكرى يقول : اهل قم واهل آبة مغفور لهم لزيارتهم لجدى على بن موسى الرضا بطوس ، ألا ومن زاره فأصابه في طريقة قطرة من السماء حرّم الله جسده على النار. (عيون أخبار الرضا ١ : ٢٩١ / ٢٢).
وبهذا فلا يستبعد أن تكون الافضلية جاءت لايمان هؤلاء الشيعة الخواص بفضيلة زيارة الأئمّة من قبل الإمام الرضا أيضاَ ، وأن زيارته للإمام الرضا جاءت بعد معرفتهم بفضيلة زيارة الإمام أميرالمؤمنين وزيارة الحسين وغيره من الأئمّة أي أن زائر الامام الرضا هو من يذور الإمام عل وولده السبعة مع الرضا ، فالفضل تفضيل العامل ومعرفته بائمته لا لفضل العمل وحده وزيارة الإمام الرضا فقط وان كان ذلك عظيما ايضاً ، ولاجل ذلك تبقى فضيلة زيارة الإمام الرضا للشيعة المخلصين باقية الى يوم القيامة.