قلت : أما قولكم حكم الرجال في أمر الله ، فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صير الله حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم ، فأمر الله الرجال أن يحكموا فيه ، قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم) (١) الاية ، فأنشدتكم بالله تعالى : أحكم الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل؟ أم حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم ، وأنت تعلمون أن الله تعالى لو شاء لحكم ولم يصير ذلك إلى الرجال؟
قالوا : بل هذا أفضل.
وفي المرأة وزوجها قال الله عزوجل : (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) (٢) الاية ، فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في امرأة؟ أخرجت من هذه؟
قالوا : نعم.
قلت : وأما قولكم : قاتل ولم يسب ولم يغنم ، أفتسبون أمكم عائشة ، وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها ، وهي أمكم؟ فإن قلتم : إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها ، فقد كفرتم ، ولأن قلتم : ليست بأمنا ، فقد كفرتم ، لأن الله تعالى يقول : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) (٣). فأنتم تدورون بين ضلالتين ، فأتوا منهما بمخرج؟
قلت : فخرجت من هذه؟
__________________
(١) سورة المائدة : الاية ٩٥.
(٢) سورة النساء : الاية ٣٥.
(٣) سورة الاحزاب : الاية ٦.