يقول : أما والله إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا الدم ، يالعبد مناف ، فيم أبو بكر من أمركم! أين المستضاف؟ أين الأذلان! ـ يعني عليا والعباس ـ ، ما بال هذا في أقل حي من قريش ، ثم قال لعلي : ابسط يدك أبايعك ، فو الله إن شئت لأملأنها على أبي فضيل ـ يعني أبا بكر ـ خيلا ورجالا ، فامتنع عليه علي ـ عليه السلام ـ ، فلما يئس منه قام عنه وهو ينشد شعر المتلمس :
ولا يقيم على ضيم يراد به |
|
إلا الأذلان ، عير الحي والوتد |
هذا على الخسف مربوط برمته |
|
وذا يشج فلا يرثي له أحد (١). |
ونكتفي بهذا القدر من الاحتجاجات مع الأحالة إلى بقية المناظرات الأخرى في أصل هذا الكتاب لما في بعضها من السبق الزماني الذي يعود إلى عصر صدر الأسلام.
وبعد كل هذه الشواهد والبراهين التي مرت عليك نستكشف أن مسألة الاحتجاج والمناظرة في أحقية أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ وإثبات ذلك بالنصوص الشرعية وغيرها تعود إلى الصدر الأول من الإسلام ، وهكذا استمرت عبر العصور المختلفة وإلى يومنا هذا.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ ص ٢٢١ ـ ٢٢٢.