وبعد ما قرأ الشيخ العالم والحاضرون معه الأحاديث تغيرت وجوههم وبدأوا ينظرون بعضهم إلى بعض ينتظرون رد العالم الذي صدم فما كان منه إلا أن رفع حاجبيه علامة التعجب وقال : (وقل رب زدني علما) (١).
فقلت : إذا كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ هو أول من شك في أبي بكر ولم يشهد عليه لأنه لا يدري ماذا سوف يحدث من بعده ، وإذا كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لم يقر بتفضيل عمر بن الخطاب على أسماء بنت عميس بل فضلها عليه ، فمن حقي أن أشك وأن لا أفضل أحدا حتى أتبين وأعرف الحقيقة ومن المعلوم أن هذين الحديثين يناقضان كل الأحاديث الواردة في فضل أبي بكر وعمر ويبطلانها ، لأنهما أقرب إلى الواقع المعقول من أحاديث الفضائل المزعومة.
قال الحاضرون : وكيف ذلك؟
قلت : إن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لم يشهد على أبي بكر ، وقال له إنني لا أدري ماذا تحدثون بعدي! فهذا معقول جدا وقد قرر ذلك القرآن الكريم والتاريخ يشهد أنهم بدلوا بعده ولذلك بكى أبو بكر ، وقد بدل وأغضب فاطمة الزهراء بنت الرسول ، وقد بدل حتى ندم قبل وفاته (٢) وتمنى أن لا يكون بشرا.
أما الحديث الذي يقول : لو وزن إيمان أمتي بإيمان أبي بكر لرجح إيمان أبي بكر (٣) ، فهو باطل وغير معقول ، ولا يمكن أن يكون رجل قضى أربعين سنة من عمره يشرك بالله ويعبد الأصنام أرجح إيمانا من أمة
__________________
(١) سورة طه : الاية ١١٤.
(٢) تقدمت تخريجاته.
(٣) تقدمت تخريجاته.