المسلمين أنه ليس بعد محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنبياء ولا شرائع ، وحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة.
إذن فمتى يصح لأحد من المسلمين أن يقول بحق وعدل : أن شريعة الأسلام قد كملت قبل موت الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، إذا اقتصرنا على ما نفهم من هذا القرآن المجيد.
إذن فقد ظهر أيضا أن الأحكام التي ينسبها بعض فرق المسلمين إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا تفي في حل مشاكل المجتمع وما يحتاج إليه ولذا بعض الفئات اضطرهم الأمر إلى الرجوع إلى القياس والاستحسان ، اللذين ما أنزل الله بهما من سلطان ، واللذان يمحقان الدين والشريعة إذا تمسك أهل التدين بهما.
وهنا يحدثنا التاريخ عما جرى لأبي حنيفة مع الأمام الصادق ـ عليه السلام ـ قال : دخل أبو حنيفة على الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين ـ عليهم السلام ـ ، فقال له : يا أبا حنيفة أنت مفتي أهل العراق؟ قال : نعم.
قال : بم تفتيهم؟ قال : بكتاب الله ، قال : أفأنت عالم بكتاب الله عزوجل ، ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه؟ قال : نعم.
قال : فأخبرني عن قوله تعالى : (وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) (١) أي موضع هو؟
قال أبو حنيفة : هو بين مكة والمدينة ، فالتفت الصادق ـ عليه السلام ـ إلى جلسائه ، فقال : نشدتكم بالله هل تسيرون بين مكة والمدينة
__________________
(١) سورة سبأ : الاية ١٨.