أجاب الشيخ : المنهاج والنظام موجودان وهما القرآن وسنة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، وعليهما يكون السير وبهما الالتزام وعليهما المعول في حل جميع المشاكل التي تحدث أو تصير بين أفراد المجتمع ، وعليه فلا يبقى أدنى توقف في هذا المجال الذي ادعيتم عسره وصعوبته.
قلنا له : يا فضيلة الشيخ ، هل القرآن ينظم أمورنا ويحل مشاكلنا؟ فلو صح هذا لوجب أن لا يكون هناك أدنى خلاف أو نزاع بين أفراد المسلمين مع أنه توجد ثلاث وسبعون فرقة (١) ، كلهم يدعي الأسلام ويدعي التمسك بالقرآن والسير على وفق أوامره ونواهيه ، وأكثرهم يتبرأ بعضهم من بعض ويضلل بعضهم بعضا وينسب إلى نفسه الحق والصواب وينسب لغيره الخروج والانحراف.
وهذا أمر لا يمكن لكل مدرك رشيد جحوده أو إنكاره ، سواء كان مسلما أو غير مسلم ، لأن القرآن له وجوه متعددة وفيه الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والمجمل والمبين ، ولذا ترى جميع الفئات يخاصمون به ويستدلون به على صحة عملهم وحسن عقائدهم ، حتى المفوضة (٢) ، والمجبرة (٣) ، والمجسمة (٤) ، والملحدة والزنادقة ولذا نطق بذلك القرآن المجيد نفسه
__________________
(١) اشارة الى حديث افتراق الامة ، وقد تقدمت تخريجاته.
(٢) المفوضة : فرقة زعمت أن الله خلق محمدا ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ثم فوض إليه خلق العالم وتدبيره ، الفرق بين الفرق ص ٢٣٨ ، معجم الفرق الاسلامية ص ٢٣٥.
(٣) المجبرة : هذه الفرقة تقول بإسناد فعل العبد إلى الله ، أي أن الانسان مجبور في أعماله لا اختيار له ، معجم الفرق الأسلامية ص ٨١.
(٤) المجسمة : فرقة تقول بأن الله جسم وله ست جهات وأن له يدين ورجلين ، معجم الفرق الأسلامية ص ٢١٣.