استنهضكم فوجدكم خفافا ، وأحمشكم فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير مشربكم ، هذا والعهد قريب والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، والرسول لما يقبر ، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة (١) (ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) (٢) فهيهات منكم ، وكيف بكم ، وأنى تؤفكون! وكتاب الله بين أظهركم ، أموره ظاهرة وأحكامه زاهرة وأعلامه باهرة ، وزواجره لائحة ، وأوامره واضحة ، وقد خلفتموه وراء ظهوركم أرغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون؟ بئس للظالمين بدلا ، (ومن يبتغ غير الأسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين) (٣) ... إلى آخر الخطبة (٤).
احتجاج الأمام الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ :
١ ـ لما رأى الحسن ـ عليه السلام ـ أبا بكر وهو يخطب على المنبر قال له : انزل عن منبر أبي.
فقال أبو بكر : صدقت والله إنه لمنبر أبيك لا منبر أبي (٥).
__________________
(١) اشارة الى قول أبي بكر ـ وذلك لما بويع ـ قال له أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أفسدت علينا أمورنا ، ولم تستشرؤ ولم ترع لنا حقا ، فقال أبو بكر : بلى ، ولكني خشيت الفتنة. انظر : مروج الذهب للمسعودي ج ٢ ص ٣٠٧.
(٢) سورة التوبة : الاية ٤٩.
(٣) سورة آل عمران : الاية ٨٥.
(٤) راجع : الاحتجاج للطبرسي ج ١ ص ١٠١ ، بلاغات النساء لابن أبي طيفور ص ١٩ ـ ٢٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٦ ص ٢٥١ بتفاوت ، إعلام النساء لكحالة ج ٣ ص ٢١٩.
(٥) راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٦ ص ٤٢ ـ ٤٣ ، الصواعق المحرقة لابن حجر ص ١٧٥ ط المحمدية وص ١٠٥ ط الميمنية بمصر ، الاتحاف بحب الأشراف للشبراوي ص ٧.