وأفوض إليه الكنوز والصياصي ، لأنه قاتل الأعداء وأهل الشقاق ، ودمر الأشقياء وأصحاب النفاق واستأصل القبائل ، وضيق على الأوغاد والأراذل ، وبذل جهده في إنجاح مأمولي ، وإسعاف مسئولي ، وأوقع نفسه في المعارك ، وصيرها معرضا للمهالك ، واختار نفسي على ذاته ، وآثر حياتي على حياته ، فإن لم أجعله وصيي ووليي وخليفتي وصفيي ، لكنت من أبخل الناس وأسفههم ، وأجهل الخلق وأبلههم ، وأرذل البرايا وأسفلهم وأحط العباد وأكسلهم.
بل إن لم أفعل ذلك لكنت أجعل أهلي وأولادي معرضا للقتل والسبي والاستيصال وأقاربي وعشائري موردا للأفناء والأعدام والاختلال ، وكنوزي عرضة للنهب ، وقصوري منصة للهدم ، لا سيما ابني الذي بذل سعيه في إعانتي ، واهتم في إعلاء درجتي ومرتبتي ، وما قصر في حمايتي ، وما أهمل في كل ما فيه إرادتي ، لأن أعقاب المقتولين ، وعشائر المستأصلين ، ينتهزون الفرصة في الكمين حتى يطلبوا الثارات والدخول ، لما ارتكز في النفوس والعقول ، من طلب ثار المقتول ، ولو بعد أزمنة طويلة وعهود متطاولة فيجعلوه عرضة للأسياف والرماح ، ويعضوه كالكلب النباح ، في الصباح والرواح فيصير مضغة للأكل وفريسة للمفترس الصائل.
قلت : فإذا كان لك خدام أجانب ، ولهم عندك منازل ومراتب فإذا حدث لك أمر من هجوم الأعداء ، وتحتاج إلى المقاتلة في الهيجاء وجهزت العساكر وأردت الجهاد ، وأقبلت على الأعادي وأهل الفساد.
فإذا احتدمت الحرب ، ووقعت صدمات الكسر والضرب ، وظهرت السيوف تعلو وترسب وتجيئ وتذهب ، والرماح تتصعد وتتصوب ،