آذان لايسعمون بها ، يخبطون خبط عشواء فهم لا يبصرون ويتعسفون مهامة الضلالة فهم في ريبهم يترددون ، فبعضهم دينه صابئي ، وغيرهم مجوسي ، وهذا يهودي ، وهذا نصراني ، وآخر محمدي ، وبعض عبدوا الكواكب ، وبعض عبدوا الشمس ، وطائفة عبدوا النار ، وقوم عبدوا العجل ، وكل فرقة من هؤلاء صاروا فرقا لا تحصى.
فلما رأيت تشعب القول ، وشاهدت تناقض النقول ، طابقت المعقول بالمنقول ، وميزت الصحيح من المعلول ، وأقمت الدليل على وجوب اتباع ملة الأسلام ، والاقتداء بها إلى يوم الحساب والقيام ، فأظهرت كلمة الشهادة ، وألزمت نفسي بما فيه من العبادة ، وجمعت الكتب الأسلامية من التفاسير والأحاديث والأصول والفروع من جميع الفرق المختلفة ، وجعلت أطالعها ليلا ونهارا وأتفكر في المناقضات التي وقعت في دين الأسلام.
فقال بعضهم : إن صفات الله تعالى عين ذاته ، وبعض قال : لا عين ذاته ولا زائدة ، وبعض قال : إن الله عز وجل أراد الشر وخلقه ، وبعض نزهه عن ذلك ، وبعض جوز على الأنبياء الصغائر ، وبعض جوز الكبائر ، وبعض جوز الكفر (١) ، وبعض أوجب عصمتهم ، وبعض أوجب النص بالأمامة (٢) ، وبعض أنكره ، وبعض قال : بإمامة أبي بكر وأنه أفضل ، وبعض كفره ، وبعض قال : بإمامة علي ، وبعض قال : بإلهيته ، وبعض ساق الأمامة في أولاد الحسن ، وبعض ساقها في أولاد الحسين ، وبعض وقف على
__________________
(١) تقدمت تخريجاته في ما سبق.
(٢) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ١٣١.