سبّني فقد سب الله (١) الحديث ، وهل يصح أن يجتهد في ذلك ، فما عذره وعذر من يعتذر له عند الله إذا سب من مدحه الله تعالى.
وأوجب حقه ، ونزهه عن الخطأ ، وفضله وكان أساس الأسلام بسيفه ونظام الأمة بتدبيره ، وأحكام الشريعة بعلومه ، وقد قال فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : علي مع الحق والحق مع على يدور حيثما دار (٢) ، حديث اتفق على نقله الكل ، ثم إني قلت : ما أظن عالما مثلك يقف على مثل هذه الأحوال ثم يتوقف ويخالطه شك في معاوية ، أليس مولانا
__________________
(١) راجع : ينابيع المودة للقندوزي : ص ٢٥ ، الصواعق المحرقة لابن حجر : ص ٧٤ ط الميمنية وص ١٢١ ط المحمدية بتفاوت ، ذخائر العقبى ص ٦٦ ، المناقب للخوارزمي ص ١٣٧ ح ١٥٤ ، كفاية الطالب للكنجي ص ٨٣.
وروي أنه : مر ابن عباس ـ بعد ما كف بصره ـ بقوم ينالون من علي ـ عليه السلام ـ ويسبونه ، فقال لقائده : أدنيني منهم ، فأدناه ، فقال : أيكم الساب الله؟!!
قالوا : نعوذ بالله أن نسب الله ، فقال : أيكم الساب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، قالوا : سبحان الله من سب رسول الله فقد كفر ، فقال : أيكم الساب علي بن أبي طالب؟ قالوا : أما هذه فنعم ، قال : أشهد لقد سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول : (من سبني فقد سب الله ، ومن سب عليا فقد سبني) (وفي رواية : (فرائد السمطين) قال : أشهد بالله أني سمعت النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يقول : من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله عز وجل ، ومن سب الله أكبه الله على منخريه في النار) فأطرقوا ، فلما ولى قال لقائده : كيف رأيتهم؟
فقال :
نظروا إليك بأعين مزورة |
|
نظر التيوس إلى شفار الجازر |
فقال : زدني فداك أبي وأمي ، فقال :
خزر العيون منكسي أذقانهم |
|
نظر الذليل إلى العزيز القاهر |
قال : زدني فداك أبي وأمي ، قال : ما عندي مزيد ، قال : ولكن عندي :
أحياؤهم تجني على أمواتهم |
|
والميتون فضيحة للغابر |
راجع : مروج الذهب للمسعودي : ج ٢ ص ٤٣٥ ، فرائد السمطين ج ١ ص ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ح ٢٤١ ، بحار الانوار ج ٣٩ ص ٣١١ ، الغدير للاميني ج ٢ ص ٢١٩.
(٢) تقدمت تخريجاته.