فقال الشيخ ـ أيده الله تعالى ـ : نعم يجوز ذلك ، بل لا منه لمن غاب عن المقام في علم ما كان منه إلى النظر والاستدلال ، وليس يجوز أن يقع له به علم الاضطرار لأنه من جملة الغائبات ، غير أن الاستدلال في هذا الباب يختلف في الغموض والظهور والصعوبة والسهولة على حسب الأسباب المعترضات في طرقه ، وربما عرى طريق ذلك من سبب فيعلم بيسير من الاستدلال على وجه يشبه الاضطرار (١) ، إلا أن طريق النص حصل فيه من الشبهات للأسباب التي اعترضته ما يتعذر معها العلم به إلا بعد نظر ثاقب وطول زمان في الاستدلال (٢).
فقال : فإذا كان الأمر على ما وصفت فما أنكرت أن يكون النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قد نص على نبي آخر معه في زمانه ، أو نبي يقوم من بعده مقامه ، وأظهر ذلك وشهره على حد ما أظهر به إمامة أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فذهب عنا علم ذلك كما ذهب عنا علم النص وأسبابه؟
فقال له الشيخ ـ أيده الله ـ : أنكرت ذلك من قبل أن العلم حاصل لي ولكل مقر بالشرع ومنكر له بكذب من ادعى ذلك على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، ولو كان ذلك حقا لما عم الجميع على بطلانه وكذب مدعيه ومضيفه إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ (٣) ، ولو تعرى بعض
__________________
(١) أي على وجه يشبه العلم الضروري والبديهي.
(٢) وأهم الاسباب شدة إخفاء الخلفاء ومن بيدهم السلطة والقدرة ذلك ، وشدة النكير على من كان يظهره ، وخوف الناقلين منهم ، ولولا أن قيض الله سبحانه رجالا لم تأخذهم لومة لائم لكان يجب عادة أن لا يكون من ذلك عين ولا أثر ، ويكون ذلك نسيا منسيا ، ويكون الاضطرار بخلافه.
(٣) والحاصل أن العلم ببطلان ذلك ضروري من الامة ، وحصول العلم الضروري لهم في ذلك دون مسألة الامامة لعدم الدواعي على الاخفاء والكتمان فيه.