حل من الله تعالى محل أعدائه ، فالحكم فيه الشهادة عليه بما اجتمعت عليه الأمة حتى يجئ إجماع آخر مثله ، ولأن من حكم عليه مرة ، فلا يجوز أن يكون حاكما ، فيكون الحاكم محكوما عليه ، فلا يكون حينئذ فرق بين الحاكم والمحكوم عليه.
قال آخر : فلم لم يقاتل علي ـ عليه السلام ـ أبا بكر وعمر كما قاتل معاوية؟
فقال : المسألة محال لأن (لم) اقتضاء ، ولم يفعل نفي ، والنفي لا تكون له علة ، إنما العلة للأثبات ، وإنما يجب أن ينظر في أمر علي ـ عليه السلام ـ أمن قبل الله أم من قبل غيره فإن صح أنه من قبل الله تعالى فالشك في تدبيره كفر لقوله تعالى : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا تجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (١) ، فأفعال الفاعل تبع لأصله ، فإن كان قيامه عن الله تعالى فأفعاله عنه وعلى الناس الرضا والتسليم ، وقد ترك رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ القتال يوم الحديبية ، يوم صد المشركون هديه عن البيت ، فلما وجد الأعوان وقوي حارب كما قال الله تعالى في الأول : (فاصفح الصفح الجميل) (٢) ، ثم قال عز وجل : (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد) (٣).
قال آخر : إذا زعمت أن إمامة علي ـ عليه السلام ـ من قبل الله تعالى وأنه مفترض الطاعة ، فلم لم يجز إلا التبليغ والدعاء للانبياء ـ عليهم
__________________
(١) سورة النساء : الاية ٦٥.
(٢) سورة الحجر : الاية ٨٥.
(٣) سورة التوبة : الاية ٥.