قال آخر : فما كان الواجب على علي ـ عليه السلام ـ بعد مضي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ.
قال : ما فعله؟
قال : إنما وجب عليه أن يعلم الناس أنه إمام.
فقال : إن الأمامة لا تكون بفعل منه في نفسه ، ولا بفعل من الناس فيه من اختيار أو تفضيل أو غير ذلك ، وإنما تكون بفعل من الله تعالى فيه كما قال لإبراهيم ـ عليه السلام ـ : (إني جاعلك للناس إماما) (١) ، وكما قال تعالى لداود ـ عليه السلام ـ : (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) (٢) ، وكما قال عز وجل للملائكة في آدم : (إني جاعل في الأرض خليفة) (٣).
فالأمام إنما يكون إماما من قبل الله تعالى وباختياره إياه في بدء الصنيعة ، والتشريف في النسب ، والطهارة في المنشأ ، والعصمة في المستقبل ، ولو كانت بفعل منه في نفسه كان من فعل ذلك الفعل مستحقا للأمامة ، وإذا عمل خلافها اعتزل فيكون خليفة من قبل أفعاله.
قال آخر : فلم أوجبت الأمامة لعلي ـ عليه السلام ـ بعد الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ؟
فقال : لخروجه من الطفولية إلى الأيمان كخروج النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من الطفولية إلى الأيمان ، والبراءة من ضلالة قومه عن الحجة واجتنابه للشرك ، كبراءة النبي من الضلالة واجتنابه للشرك لأن الشرك ظلم ، ولا يكون الظالم أماما ولا من عبد وثنا بإجماع ، ومن شرك فقد
__________________
(١) سورة البقرة : الاية ١٢٤.
(٢) سورة ص : الاية ٢٦.
(٣) سورة البقرة : الاية ٣٠.