نجا إلا عمر بن الخطاب (١)!!
قال المأمون : هذا خلاف الكتاب أيضا ، لأن الله تعالى يقول لنبيه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) (٢) فجعلتم عمر مثل الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ.
قال آخر : فقد شهد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة (٣).
فقال المأمون : لو كان هذا كما زعمتم لكان عمر لا يقول لحذيفة : نشدتك بالله أمن المنافقين أنا؟
فإن كان قد قال له النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : أنت من أهل الجنة ولم يصدقه حتى زكاه حذيفة فصدق حذيفة ولم يصدق النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، فهذا على غير الأسلام.
وإن كان قد صدق النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فلم سأل حذيفة؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما؟
قال الاخر : فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : وضعت في كفة الميزان ووضعت أمتي في كفة أخرى فرجحت بهم ، ثم وضع مكاني أبو بكر فرجح بهم ، ثم عمر فرجح بهم ، ثم رفع الميزان (٤).
فقال المأمون : هذا محال ، من قبل أنه لا يخلو من أن يكون أجسامهما أو أعمالهما ، فان كانت الأجسام فلا يخفى على ذي روح أنه
__________________
(١) رواه القاضي عياض في الشفا ج ٢ ص ٨١٩.
(٢) سورة الانفال : الاية ٣٣.
(٣) سنن أبي داود ج ٤ ص ٢١١ ح ٤٦٤٩ ، سنن الترمذي ج ٥ ص ٦٠٦ ح ٣٧٤٨ ، كنز العمال ج ١ ١ ص ٦٣٨ ح ٣٣١٠٥ وص ٦٤٦ ح ٣٣١٣٧.
(٤) انظر العثمانية ص ١٣٧ ، مجمع الزوائد ج ٩ ص ٥٨ ـ ٥٩.