قال المأمون : كيف يجوز أن يقول علي ـ عليه السلام ـ : أجلد الحد على من لا يجب حد عليه؟ فيكون متعديا لحدود الله عز وجل ، عاملا بخلاف أمره ، وليس تفضيل من فضله عليهما فرية.
وقد رويتم عن إمامكم أنه قال : وليتكم ولست بخيركم (١) ، فأي الرجلين أصدق عندكم أبو بكر على نفسه ، أو علي ـ عليه السلام ـ على أبي بكر مع تناقض الحديث في نفسه؟ ولابد له في قوله من أن يكون صادقا أو كاذبا ، فإن كان صادقا فأنى عرف ذلك؟
أبوحي؟ فالوحي منقطع ، أو بالتظني؟ فالمتظني متحير ، أو بالنظر فالنظر مبحث ، وإن كان غير صادق فمن المحال أن يلي أمر المسلمين ويقوم بأحكامهم ، ويقيم حدودهم كذاب!
قال آخر : فقد جاء أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة (٢).
قال المأمون : هذا الحديث محال ، لأنه لا يكون في الجنة كهل ، ويروى أن أشجعية كانت عند النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ فقال : لا يدخل الجنة عجوز (٣) فبكت ، فقال لها ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : إن الله تعالى يقول : (إنا أنشأناهن إنشاء ، فجعلناهن أبكارا ، عربا أترابا) (٤).
__________________
(١) تقدمت تخريجاته.
(٢) روته العامة كثيرا في كتبها ، فقد روي في : العثمانية ص ١٣٦ ، سنن الترمذي ج ٥ ص ٥٧١ ح ٣٦٦٦ ، سنن ابن ماجة ج ١ ص ٣٦ ح ٩٥ ، شرح السنة للبغوي ج ١٤ ص ١٠٢ ح ٣٨٩٧ ، مجمع الزوائد ج ٩ ص ٥٣ ، وقد اثبت العلامة الحجة الأميني في كتابه الغدير ج ٥ ص ٣٢٢ ـ ٣٢ ٣ ان هذا الحديث من الموضوعات فراجع.
(٣) أورده ابن شهراشوب في المناقب ج ١ ص ١٤٨ ، والبحار ج ١٦ ص ٢٩٥.
(٤) سورة الواقعة : الاية ٣٥ ـ ٣٧.