مضجعه واضطجع ، وتسجى (١) بثوبه ، وجاء المشركون من قريش فحفوا (٢) به لا يشكون أنه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وقد أجمعوا أن يضربه من كل بطن من بطون قريش رجل ضربة بالسيف ، لئلا يطلب الهاشميون من البطون بطنا بدمه ، وعلي يسمع ما القوم فيه من إتلاف نفسه ، ولم يدعه ذلك إلى اجرع كما جزع صاحبه في الغار ، ولم يزل علي صابرا محتسبا ، فبعث الله ملائكته فمنعته من مشركي قريش حتى أصبح ، فملما أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا : أين محمد؟
قال : وما علمي بمحمد أين هو؟ قالوا : فلا نراك إلا مغررا بنفسك منذ ليلتنا ، فلم يزل على أفضل ما بدأ به يزيد ولا ينقص ، حتى قبصه الله إليه.
يا إسحاق ، هل تروي حديث الولاية؟
قلت : نعم يا أمير المؤمنين.
قال : أروه ، ففعلت.
قال : يا إسحاق ، أرأيت هذا الحديث هل أوجب على أبي بكر وعمر ما لم يو جب لهما عليه؟
قلت : إن الناس ذكروا أن الحديث إنما كان بسبب زيد بن حارثه لشئ جرى بينه وبنى علي ، وأنكر ولاء على ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : (من كنت مولاه لعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) (٣).
__________________
(١) تسجى : تغطى.
(٢) حفوا به : استداروا حوله وأحدقوا به.
(٣) تقدمت تخريجاته.