قال : فإذا جازان ينسب إلي صحبة من رضيه كافرا ، جاز أن ينسب إلى صحبة نبيه مؤمنا ، وليس بأفضل المؤمنين ولا الثاني ولا الثالث.
قلت : يا أمير المؤمنين ، إن قدر الاية عظيم ، إن الله يقول : (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) (١)!
قال : يا إسحاق ، تأبي الان الا أن أخرج إلى الاستقصاء عليك! أخبرني عن حزن أبي بكر : أكان رضا أم سخطا؟
قلت : إن ابا بكر إنما حزن من أجل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ خوفاً عليه وغماً ، أن يصل إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ شئ من المكروه.
قال : ليس هذا جوابي ، إنما كان جوابي أن تقول : رضا ، أم سخط.
__________________
(١) سورة التوبة : الاية ٤٠ ، قال الاسترابادي في هامش رجال الكشي ج ١ ص ١٣١ : سياق الاية الكريمة بلسان بلاغتها تنطق بوجوه من الطعن في جلالة الي بكر :
الاول : ان همه وحزنه وفزعه وانزعاجه وقلقه حين إذا إذ هو مع النبي الكريم المأمور من تلقاء ربه الحفيظ الرقيب بالخروج والهجرة ، والموعود من السماء على لسان روح القدس الامين بالتأييد والنصرة ، مما يكشف عن ضعف قينه وركاكة ايمانه جدا.
الثاني : أن انزال الله سكينته عليه ـ صلى الله عليه وآله ـ فقط لاعلى أبي بكر ولا عليهما جميعا ، مع كون أبي بكر احوج الى السكينة حيندذ لقله وحزنه يدل على انه لم يكن اهلا لذلك.
وتحامل احتمال أن يرجع الضمير في (عليه) على أبي بكر ، كما تجشمه البيضاوي مع أن فيه خرق اتفاق المفسرين وشق عصاهم خلاف ما تتعاطاه قوانين العوام اللسانيه والفنون الأدبية ، اليس ضمير (أيده) وعليه في الجملتين المعطوفة للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بلا امتراء ، فكذلك ضمير عليه في الجملة المعطوفة عليها ، أعني (فأنزل الله سكينته عليه)
الثالث : ان اسلوب (إذ يقول لصاحبه لا تحزن) في العبارة عن ابي بكر يضاهي اسلوب (يا صاحبي السجن) في سورة يوسف (فقال لصاحبه وهو يحاوره) في سورة الكهف.