قال : يا أبا الهذيل ، هاهنا وقعت.
أما قولك : إن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال : (قدموا خيركم وولوا أفضلكم) ، فإني أوجدك أن أبا بكر صعد المنبر وقال : (وليتكم ولست بخيركم وعلي فيكم) (١) فإن كانوا كذبوا عليه فقد خالفوا أمر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ، وإن كان هو الكاذب على نفسه فمنبر رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لا يصعده الكاذبون.
وأما قولك : أن الناس تراضوا به ، فإن أكثر الأنصار قالوا منا أمير ومنكم أمير ، وأما المهاجرون فإن الزبير بن العوام قال : لا أبايع إلا عليا ، فأمر به فكسر سيفه ، وجاء أبو سفيان بن حرب وقال : يا أبا الحسن ، لو شئت لأملأنها خيلا ورجالا (٢) يعني (المدينة) ، وخرج سلمان فقال بالفارسي : (كرديد ونكرديد ، وندانيد كه چه كرديد) (٣) ، والمقداد وأبو ذر ، فهؤلاء المهاجرون والأنصار.
أخبرني يا أبا الهذيل عن قيام أبي بكر على المنبر وقوله :
إن لي شيطانا يعتريني (٤) ، فإذا رأيتموني مغضبا فاحذروني ، لا أقع في أشعاركم وأبشاركم ، فهو يخبركم على المنبر أني مجنون ، فو كيف يحل
__________________
راجع في ذلك : العقد الفريد ج ٥ ص ١٣ ، شرح النهج لابن أبي الحديد ج ١ ص ١٣١ ، مروج الذهب للمسعودي ج ٢ ص ١ ـ ٣ ، أسد الغابة لابن الاثير ج ٣ ص ٢٢٢ ، تاريخ الطبري ج ٣ ، ص ٢٠٨ ، السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٥٦ ، تاريخ اليعقوبي ج ٢ ، ص ١٢٣.
(١) الامامة والسياسة لابن قتيبة ص ٢٢ ، العقد الفريد ج ٥ ص ١٣.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١ ص ٢٢٢.
(٣) يعني فعلتم وما فعلتم ولا تعلمون ما الذي فعلتم.
(٤) كنز العمال ج ٥ ص ٥٨٩ ح ١٤٠٥٠ ، مجمع الزوائد ج ٥ ص ١٨٣ ، الطبري في تاريخه ج ٣ ص ٢٤٤ ، ابن كثير في البداية والنهاية ج ٦ ص ٣٠٣ ، ابن ابي الحديد في شرح النهج ج ٦ ص ٢٠ ، السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٧١ ، ابن قتيبة في الامامة والسياسة ص ٢٢.