قال أبو جعفر : ذهب ربع دينك يابن أبي خدرة وهذه منقبة لصاحبي ليس لأحد مثلها ومثلبة لصاحبك ، وأما قولك : (ثاني اثنين إذ هما في الغار) (١) أخبرني هل أنزل الله سكينته على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وعلى المؤمنين في غير الغار؟
قال : ابن أبي خدرة : نعم.
قال أبو جعفر : فقد خرج صاحبك في الغار من السكينة وخصه بالحزن ومكان علي ـ عليه السلام ـ في هذه الليلة (٢) على فراش النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وبذل مهجته دونه أفضل من مكان صاحبك في الغار.
__________________
في المسجد واخرجتهم والله ما اخرجتهم ، واسكنته بل الله اخرجهم واسكنه.
ان الله عز وجل اوحى الى موسى واخيه ان تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة ، واقيموا الصلاة ثم امر موسى ان لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله جنب الا هارون وذريته ، وان عليا مني بمنزلة هارون من موسى وهو اخي ولا يحل لأحد ان ينكح فيه النساء الا علي وذريته فمن ساءه فهاهنا واشار بيده نحو الشام.
(١) سورة التوبة : الاية ٤٠.
(٢) وذلك أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لما أراد الهجرة خلف علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده ، وأمره ليلة خرج الى الغار أن ينام على فراشه ، وقال له : اتشح ببردي الحضرمي الأخضر ، فإنه لا يخلص اليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى ففعل ذلك فأوحى الله الى جبرئيل وميكائيل ـ عليهما السلام ـ إني آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الأخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختارا كلاهما الحياة ، فأوحى الله عز وجل اليهما : أفلا كنتما مثل علي بن ابي طالب ، آخيت بينه وبين نبيي محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ فبات على فراشه ، يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه ، فنزلا فكان جبرئيل عند رأس علي وميكائيل عند رجليه ، وجبرئيل ينادي : بخ بخ من مثلك يابن أبي طالب يباهي الله عز وجل به الملائكة؟! فأنزل الله عز وجل إلى رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) سورة البقرة : الاية ٢٠٧ ، أسد الغابة ج ٤ ص ٩٥.