قال : لا.
قال : قلت : أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟
قال : يا بني إن الجوارح إذا شكت في شئ شمته أو رأته أو ذاقته ، ردته إلى القلب ، فتيقن بها اليقين ، وأبطل الشك.
قال : فقلت : فإنما أقام الله عز وجل القلب لشك الجوارح؟
قال : نعم.
قلت : لابد من القلب وإلا لم يستيقن الجوارح.
قال : نعم.
قلت : يا أبا مروان ، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماما ، يصحح لها الصحيح ، وينفي ما شكت فيه ، ويترك هذا الخلق كله في حيرتهم ، وشكهم ، واختلافهم ، لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماما لجوارحك ، ترد إليه حيرتك وشكك؟!.
قال : فسكت ولم يقل لي شيئا.
قال : ثم التفت إلي فقال لي : أنت هشام؟
قال : قلت : لا.
فقال لي : أجالسته؟
فقلت : لا.
قال : فمن أين أنت؟ قلت : من أهل الكوفة.
قال : فأنت إذا هو. ثم ضمني إليه ، وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتى قمت ، فضحك أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ ، ثم قال : يا هشام ، من علمك هذا؟ قلت : يابن رسول الله جرى على لساني.
قال : يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى (١).
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسي ج ٢ ص ٣٦٧ ، مروج الذهب ج ٤ ص ١٠٥ ، رجال الكشي ص ٢٧١