قال : طلقتك يا دنيا ثلاثا لا حاجة لي فيك (١) ، فعند ذلك أنزل الله تعالى فيه : (تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا) (٢).
فقال : أحسنت يا حرة فبم تفضلينه على عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ؟
قالت : الله تعالى عزوجل فضله بقوله تعالى : (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وامي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ، ما قلت لهم إلا ما أمرتني به) (٢) الاية. فأخر الحكومة إلى يوم القيامة ، وعلي ابن أبي طالب لما ادعوا النصيرية (٣) فيه ما ادعوه ، قتلهم (٤) ولم يؤخر حكومتهم ، فهذه كانت فضائله لم تعد بفضائل غيره.
قال : أحسنت يا حرة خرجت من جوابك ، ولو لا ذلك لكان ذلك ، ثم أجازها وأعطاها وسرحها سراحا حسنا رحمة الله عليها (٥).
__________________
(١) راجع : نهج البلاغة (صبحي الصالح) ص ٤٨٠ الخطبة ٧٧ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٨ ص ٢٢٤ ، بحار الانوار ج ٤٠ ص ٣٤٥ ح ٢٨ ، حلية الابرار ج ٢ ص ٢١٢ ح ٥ ، خصائص الائمة (عليهم السلام) للشريف الرضي ص ٧٠.
(٢) سورة القصص : الاية ٨٣.
(٣) سورة المائدة : الاية ١١٦ ـ ١١٧.
(٤) النصيرية : طائفة من الغلاة السبأية وملخص مقالتهم في الائمة من أهل البيت ـ عليهم السلام ـ : أنهم روح اللاهوت ، وقد نقل ابن حزم في الفصل ج ٤ ص ١٤٢ والشهرستاني في الملل والنحل بهامش الفصل ج ٢ ص ٢٢ وغيرهما تفصيل مقالاتهم ، وقال الشهرستاني عنهم : غلبوا في وقتنا هذا على جند الاردن بالشام وعلى مدينة طبرية خاصة ولقد افترى الشهر ستاني وابن حزم في عد هذه الطائفة من فرق الشيعة.
(٥) انظر : شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ٨ ص ١١٩ ـ ١٢٠.
(٦) الفضائل لابن شاذان ص ١٣٧ ، بحار الانوار ج ٤٦ ص ١٣٤ ج ٢٥ ، رياحين الشريعة ج ٤ ص ١٤٤.