قال : صدقت ، فهل لك من حاجة؟
قالت : أو نفعل إذا سألتك؟
قال : نعم.
قالت : تُعطيني مائة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها.
قال : تصنعين بها ماذا؟
قالت : أغذوا بإلبانها الصغار ، وأستحيي بها الكبار ، وأكتسب بها المكارم ، وأصلح بها بين العشائر.
قال : فإن أعطيتك ذلك ، فهل أحُلّ عندك محلّ عليّ بن أبي طالب؟
قال : ماء ولا كصداء ، ومرعى ولا كالسعدان ، وفتى ولا كمالك (١) ، يا سبحان الله ، أو دونه (٢) فأنشأ معاوية يقول :
إذا لم أعد بالحلم مني عليكم |
|
فمن ذا الذي بعدي يؤمل للحلم |
خذيها هنيئا واذكري فعل ماجد |
|
جزاك على حرب العداوة بالسلم |
ثم قال : أما والله لو كان علي حيا ما أعطاك منها شيئا.
قالت : لا والله ، ولا وبرة واحدة من مال المسلمين (٣).
__________________
(١) صداء : عين لم يكن عندهم ماء أعذب من مائها. والسعدان : نبت ذو شوك ، وهو أفضل مراعي الابل ولا تحسن على نبت حسنها عليه. ومالك : هو ابن نويرة. قد قال أخوة متمم هذا فيه لما قتل في الردة. وهذه أمثلة تضرب للشئ يفضل على أشباهه.
(٢) استفهام إنكاري منها ، أي أولى بك أن تطلب دن محله لا أن تطلب مثل محله.
(٣) العقد الفريد : ج ١ ص ٣٥٢ ، صبح الأعشى : ج ١ ص ٣٠٦ ، بلاغات النساء ص ٧٢.