فنحن الذين اصطفانا الله من عباده ، ونحن صفوة الله ولنا ضرب الامثال وعلينا نزل الوحي.
فغضب عمر وقال : ان إبن أبي طالب يحسب أنه ليس عند أحد علم غيره ، فمن كان يقرأ من القرآن شيئا فليأتنا به ، فكان إذا جاء رجل بقرآن فقرأه ومعه آخر كتبه ، وإلا لم يكتبه.
فمن قال ـ يا معاوية ـ : إنه ضاع من القرآن شئ فقد كذب ، هو عند أهله مجموع.
ثم أمر عمر قضاته وولاته فقال : اجتهدوا رأيكم ، واتبعوا ما ترون أنه الحق ، فلم يزل هو وبعض ولاته قد وقعوا في عظيمة فكان علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ يخبرهم بما يحتج به عليهم ، وكان عماله وقضاته يحكمون في شئ واحد بقضايا مختلفة فيجيزها لهم ، لأن الله لم يؤته الحكمة وفصل الخطاب ، وزعم كل صنف من أهل القبلة أنهم معدن العلم والخلافة دونهم ، فبالله نستعين على من جحدهم حقهم ، وسن للناس ما يحتج به مثلك عليهم ، ثم قاموا فخرجوا (١).
__________________
عليا مع القرآن والقرآن معه ، فإن المعية تستدعي أن يكون علم القرآن عنده وأنه وارثه.
وقال في ص ١٦٦ : فإن قلت : لا يمكن أن يراد وحده أو مع الأئمة خاصة لأنهم معصومون عندكم ، والاية قسمت من أورثه الله الكتاب واصطفاه إليه الظالم لنفسه ، والمقتصد ، والسابق بالخيرات فيتعين ان يراد بالاية مطلق المؤمنين.
قلت : التقسيم راجع إلى العباد والضمير في قوله تعالى : (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) عائد إلى قوله تعالى : عبادنا ، لا لمن أورثه الكتاب واصطفاه منهم ، إذ لا يصح تقسيم من اصطفاه الى الظالم وغيره ، ولا شمول من أورثه الكتاب لكل مؤمن عالم وجاهل ، فهي نظير قوله تعالى في سورة الحديد : (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) سورة الحديد : الاية ٢ ٦.
(١) كتاب سليم بن قيس الكوفي : ص ١٩٠ ح ٤٧ ، بحار الانوار ج ٤٤ ص ٩٧ بتفاوت.