والثاني : لم تقتتل عليه ولم تتفرق فيه ، ووسع بعضهم فيه لبعض ، وهو كتاب الله وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وما يحدث زعمت أنه ليس في كتاب الله ولا سنة نبيه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ.
وأما الذي اختلفت فيه وتفرقت وتبرأت بعضها من بعض ، فالملك والخلافة ، زعمت أنها أحق بهما من أهل بيت نبي الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فمن أخذ بما ليس فيه ـ بين أهل القبلة ـ أختلاف ورد علم ما اختلفوا فيه إلى الله سلم ونجا من النار ، ولم يسأله الله عما أشكل عليه من الخصلتين اللتين اختلف فيهما ، ومن وفقه الله ومن عليه ونور قلبه وعرفه ولاة الأمر ومعدن العلم أين هو ، فعرف ذلك كان سعيدا ولله وليا ، وكان نبي الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول : رحم الله عبدا قال حقا فغنم أو سكت فلم يتكلم (١).
فالأئمة من أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومنزل الكتاب ، ومهبط الوحي ومختلف الملائكة ، لا تصلح إلا فيها ، لأن الله خصها وجعلها أهلا في كتابه على لسان نبيه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، فالعلم فيهم وهم أهله وهو عندهم كله بحذافيره ، باطنه وظاهره ، ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه.
يا معاوية إن عمر بن الخطاب أرسلني في إمرته إلى علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ أني أريد أن أكتب القرآن في مصحف فابعث الينا ما كتبت من القرآن.
فقال : تضرب والله عنقي قبل أن تصل إليه.
__________________
(١) كتاب الزهد لابن المبارك : ص ١٢٨ ح ٣٨٠ ، كشف الخفاء ج ١ ص ٥١٤ ح ١٣٧٤ ، الفردوس للديلمي ج ٢ ص ٢٥٩ ح ٣٢٠٤ بتفاوت.