ولذا قالوا : لا يجوز (مررت بزيد وعمراً) بنصب عمرو. ولم ينقل ابن هشام (١) وغيره (٢) تجويزه إلّا عن ابن جنّي. وفي مسألتنا لا يمكن ظهور ذلك المحلّ على حال.
فإذن لا خلاف بين البصريّين والكوفيّين في امتناع نصب لفظ آله عطفاً على محل الضمير ، فلم يبق إلّا جرّه عطفاً على محلّ الضمير القريب. أمّا الكوفيون (٣) فلتجويزهم ذلك اختياراً ، ومثلهم جماعة من البصريّين (٤) ، وأكثر أئمّة المتأخّرين ، وأمّا أكثر البصريين (٥) فلداعية [الضرورة (٦)] ؛ إذ لا محيد عنه في العربيّة.
الثاني : وجود الطالب لذلك المحل. ذهب إليه البصريّون. وليس لفظ صلّى في مسألتنا طالباً للنصب ؛ لقصوره عن عمله في كلّ أحواله بذاته بلا واسطة ، فتكون البصريّة يمنعون عطف الآل بالنصب على محلّ الضمير بالسببين.
الثالث : أن يكون عمل العامل النصب في المعطوف عليه بحق الأصالة. ذهب إليه جلّ المحقّقين من البصريّين والكوفيّين والمتأخّرين (٧).
وليس لفظ صلّى قابلاً لعمل النصب في الضمير المجرور بالأصالة ؛ لأنّ اللازم لا يقتضي عمل النصب إلّا على ضرب من التجوّز بالتضمين أو بمقتضى الضرورة الشعرية. على أن لفظ صلّى لم يرد عاملاً للنصب في سعة ولا في ضرورة ، فأين ذلك المحلّ الّذي يصحّ عطف آله عليه إلّا في الوهم؟ وهو وهم ساقط.
فإذن امتنع نصب آله عند جميع أئمّة العربية لامتناع صحّته ؛ لعدم وجهه
__________________
(١) مغني اللبيب ٢ : ٦١٦.
(٢) همع الهوامع ٢ : ١٤١ ، حاشية الصبّان على شرح الأشمونيّ ٣ : ٨٩.
(٣) الإنصاف في مسائل الخلاف ٢ : ٤٦٣ ، شرح الرضيّ على الكافية ٢ : ٣٣٦ ، شرح ابن عقيل ٣ : ٢٣٩ ، همع الهوامع ٢ : ١٣٩ ، حاشية الصبّان على شرح الأشمونيّ ٣ : ١١٤.
(٤) أوضح المسالك ٣ : ٦١ ، همع الهوامع ٢ : ١٣٩ ، حاشية الصبّان على شرح الأشمونيّ ٣ : ١١٤ ، ١١٥ ، خزانة الأدب ٢ : ٣٣٨.
(٥) الإنصاف في مسائل الخلاف ٢ : ٤٦٣ ، شرح الرضيّ على الكافية ٢ : ٣٣٦ ، همع الهوامع ٢ : ١٣٩.
(٦) في المخطوط : (الضرورية).
(٧) انظر مغني اللبيب ٢ : ٦١٦ ٦١٧ ، همع الهوامع ٢ : ١٤١ ، حاشية الصبّان على شرح الأشمونيّ ٣ : ٨٩.