على لفظه ، وهذا ممنوع من وجهين (١) : أحدهما : أنه يقتضي أن للحرف محلّاً من الإعراب ، وأن العامل وقع عليه ، وهما باطلان عقلاً وإجماعاً ؛ لاقتضائهما دخول حرف الجرّ في المصلّى عليه من الله ، وأنه من جملة المقصود بالصلاة ، وهو ظاهر البطلان. ومع هذا فقواعد العربيّة تأباه ، فإنّه حينئذٍ يكون الجارّ والمجرور بمنزلة مفعول عطف على لفظه. وقد شرط أهل العربيّة (٢) في صحّةِ العطف على اللفظ صحّةَ توجّه العامل إلى المعطوف ، وعمله فيه بنفسه.
قال ابن هشام في (المغني) : (فلا يجوز في نحو (ما جاءني من امرأة ولا زيد) ، إلّا الرفع عطفاً على الموضع ؛ لأنّ (من) الزائدة لا تعمل في المعارف) (٣) ، انتهى.
وتسلّط العامل في هذه المسألة على المعطوف بنفسه ممتنع عقلاً ولغة.
والاعتبار الثاني : مراعاة المحلّ للضمير المجرور بدون الجارّ ، وهذا في المسألة المبحوث عنها ممتنع عقلاً ولغة عند المحقّقين من البصريّين والكوفيّين وأئمّة المتأخّرين ؛ وذلك لأنّهم شرطوا لصحّة العطف على المحلّ ثلاثة شروط :
أحدها : إمكان ظهور ذلك المحلّ في فصيح الكلام. ولم ينقل فيها خلاف إلّا عن ابن جنّيّ ، وهو شاذّ نادر.
ولعلّ السرّ فيه أن العامل إذا امتنع ظهور أثره وعمله النصبَ في لفظ المعطوف عليه امتنع الحكم بأنّ هناك نصباً منع من ظهوره مانع لفظي لولاه لظهر ؛ لتصحّ مراعاته ويصحّ العطف عليه ، أمّا لو لم يمكن ظهور ذلك المحلّ بوجه ، فمن أين يعرف أن هناك نصباً عمل فيه العامل حتّى تصحّ مراعاته والعطف عليه بعد ظهور تعذّر عمل ذلك العامل النصب؟
__________________
(١) لم يشر المصنّف رحمهالله إلى ثاني وجهي المنع ، ويحتمل أن يكون ذلك قوله الذي ذكره بعد قول ابن هشام : (وتسلط العامل في هذه المسألة ..).
(٢) همع الهوامع ٢ : ١٤١ ، حاشية الصبّان على شرح الأشمونيّ ٣ : ٨٩.
(٣) مغني اللبيب ٢ : ٦١٥.