هذا ما يعرفه أهل اللغة ، وأمّا الموجود في كتب الأدعية المرويّة عنهم عليهمالسلام المصحّحة المعربة فكلّها بجر آله ، لا يكاد يوجد في جميع أحاديثهم موضع بالنصب بحسب ما ورد عنهم عليهمالسلام ، إلّا ما كان في بعضها من وضع الفتح بالأحمر ، وهو من إعراب الرواة والنقلة ؛ التفاتاً إلى أصل العربيّة.
ولقد رأيت مسائل للشيخ ناصر الجبيليّ الأحسائيّ سأل بها الشيخ حسين بن محمّد بن جعفر الماحوزيّ رحمهماالله تعالى وكان من مسائله هذه المسألة ، فأجاب الشيخ حسين المذكور بما معناه : أن الأكثر في أدعيتهم عليهمالسلام الجر ، وفي كثير منها بالفتح ، وذكر أصل القاعدة. وهو رحمهالله نظر في جوابه إلى ما قرّروه في النحو ، وإلّا فالوارد عنهم عليهمالسلام بالجر.
نعم ، ربما كتب بعض النسّاخ الفتح ، نظراً إلى اللغة ، وأنه أرجح من الجرّ فكتب نسخة بالفتح.
وهذا وإنْ كان مرجوحاً بالنسبة إلى المشهور عند النحويّين ، إلّا إنه لغة صحيحة ، وكانت اللغة تتبدّل وتتعدّد باختلاف القرون ، فربما يشتهر بعض الألفاظ أو الإعراب في هذا القرن وتنعكس الشهرة في القرن الّذي يكون بعده ، ويسمّون المشتهر الأوّل شاذّاً نادراً ، وليس إلّا لقلّة استعماله في زمانهم.
ولهذا كان القرآن الّذي نزل على أعلى درجات الفصاحة والبلاغة مشتملاً على اللغات الشاذة ، وليست شاذّة وإنّما كان استعمالها في زمن نزول القرآن قليلاً ، فكانت بقلّة استعمالها شاذّة كما في (كُبّاراً) (١) و (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) (٢) ، والأصل أن القرآن محيط باللغات في جميع القرون ، فإذا كان قرن لا يعرف لغة مَن قبله ، أو كانت قليلة الاستعمال كانت عنده شاذّة أو نادرة.
وما نحن فيه الّذي تقتضيه اللغة الصحيحة الأصليّة هو الجرّ في لفظة آله
__________________
(١) نوح : ٢٢.
(٢) طه : ٦٣.