ومع الغضّ عن ذلك ـ بالبناء على تصحيح هذا الإطلاق المتوهّم ـ فالأمر في خروج الفاسدة يدور بين التقييد والمجاز ، والأوّل على ما قرّر في محلّه أولى فتأمّل.
وأمّا الرجحان فلأنّ اعتباره في العبادة مسلّم ، ولكنّه على ما عرفت لا يجدي.
ومنها : أنّها لو كانت تلك الألفاظ أسامي للصحيحة كان لها وجه ضبط في المعنى الموضوع له ، كالصحيحة أو المبرئة للذمّة أو المطلوبة للشرع أو نحو ذلك.
وأمّا إذا كانت موضوعة للأعمّ لم يكن لها وجه ضبط بحيث يمكن تعقّله حتّى يصحّ أن تكون تلك الألفاظ موضوعة بإزائها.
ولا يمكن القول بأنّها موضوعة لجملة من تلك الأفعال ، لعدم صدقها عندهم على كلّ جملة منها ، ولا يصحّ أخذها على وجه يعتبر فيه الصدق عرفا ، للزوم الدور فإنّ الصدق عرفا يتوقّف على الوضع ، فلو توقّف الوضع عليه كان دورا.
وفيه : أنّ المسمّى على القول بالصحيحة أولى بعدم الانضباط ، بعد ملاحظة أنّ المأخوذ في الوضع لا يمكن أن يكون مفاهيم هذه المذكورات ، إذ مصداق الصحيحة والمبرأ والمطلوب يختلف على حسب اختلاف الموضوعات ، حسبما قرّرناه غير مرّة.
ولا جامع لها إلاّ عدّة من الأجزاء اخذت في الوضع لا بشرط الهيئة الإجتماعيّة الطارئة لها باعتبار طرف الزيادة.
غاية الأمر ، عدم إمكان تحديد هذه الأجزاء وتعيينها إلاّ ببيان الواضع الشارع ، وهو لا يوجب نقضا بالقاعدة الّتي يساعد عليها العرف والاعتبار ، فوجود وجه الضبط على القول بالأعمّ أظهر وأبين.
ومنها : ظواهر جملة من الآيات والأخبار الواردة في مقام خواصّ العبادات وآثارها ، كقوله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ )(١) وقوله
__________________
(١) العنكبوت : ٤٥.