أو الأمر المتوقّف امتثاله على النيّة إن فسّرناها بما كان صحّته متوقّفة على النيّة ، ولا ينافيه إطلاق العبادة عليه بقول مطلق في قولهم : « ألفاظ العبادات أسام للأعمّ أو للصحيحة منها » لأنّ المراد به ما كان العبادة في نوعه وهو لا يقضي بعباديّة كلّ فرد منه ، ومنه يعلم توجيه الرجحان المعتبر في العبادة ، فإنّه بالقياس إلى كلّ مكلّف معتبر في نوع المسمّى ، ولذا يكون كلّ فرد منه راجحا بالقياس إلى مكلّف غير راجح بالقياس إلى غيره ، وعليه فيتطرّق المنع إلى الكلّية المدّعاة في الصغرى إن اريد بالعبادات مسمّيات الألفاظ المتنازع فيها بقول مطلق ، حيث لا قاضي بها من عقل ولا شرع.
والتعليل بما ذكر من الوجهين عليل جدّا ، أمّا إطلاق الأمر فليس له مفهوم محصّل ، إلاّ أن يوجّه بأنّ خروج الفاسدة على قول الصحيحي عن الأمر خروج موضوعي ، لعدم دخولها في المسمّى بالفرض.
وعلى قول الأعمّي خروج حكمي منوط بالتقييد المنافي للإطلاق ، ومرجعه إلى التمسّك لإثبات الصحيحة بالإطلاق ، إذ على الأعمّ يلزم التقييد في مثل قوله تعالى : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ )(١).
ومن المقرّر عندهم أنّ الإطلاق في نحو المقام محكّم.
وفيه : أنّ الإطلاق مع جهالة حال اللفظ لتردّده بين ملزوم الإطلاق وملزوم التقييد غير معقول.
وملخّصه : أنّ أصل الإطلاق كأصالة الحقيقة لا يصلح أمارة للوضع ، وإلاّ لزم الدور.
ألا ترى أنّه لا يمكن إثبات كون « الصعيد » لخصوص التراب ، بعد ما قام الدليل على عدم جواز التيمّم على الحجر ، تمسّكا بإطلاق قوله تعالى : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً )(٢).
__________________
(١) الأنعام : ٧٢.
(٢) النساء : ٤٣.