وأمّا القسم الثالث فالعلم المفروض فيه هو العلم الإجمالي المنسوب إلى الإجمال ، بمعنى الجمع لتعلّقه بالصورة النوعيّة الجامعة للأجزاء المفصّلة من جهة اشتمالها عليها بأجمعها.
وأمّا القسم الرابع فالعلم المفروض فيه هو العلم بالشيء في الجملة ، لتعلّقه ببعض الصورة النوعيّة قبالا للعلم به بتمام الصورة النوعيّة ، وحكم هذا القسم لرفع الجهل كصورة الجهل الساذج في وجوب إحراز الأمارات ، بمراجعة الغير من أهل العرف واللغة لعين المحذور المذكور ، وأمّا العالم بالعلم الإجمالي فإن لم يلتفت إلى معرفة الأجزاء المفصّلة أو التفت وعرفها من دون واسطة فيصير عالما بالتفصيل فيستغني عن الأمارات ، وإن التفت ولم يعرفها كذلك بعروض الشكّ في مدخليّة بعض ما له دخل في الواقع ، أو بعض ما لا دخل له في الواقع الّذي مرجعه بالأخرة إلى فرديّة ما خلا عمّا شكّ في مدخليّته ، فإن كان ذلك الشكّ بحيث يسري إلى الصورة النوعيّة المعلومة حتّى أوجب انقلاب العلم الإجمالي إلى العلم في الجملة فيلحقه حكمه من وجوب إحراز الأمارة بمراجعة الغير ، وإن لم يكن كذلك فوظيفته إحراز الأمارات إمّا بمراجعة غيره ، أو بمراجعة نفسه لعدم أدائه حينئذ إلى الدور من حيث إنّ المتوقّف على الأمارة هو العلم التفصيلي ، والمتوقّف عليه الأمارة هو العلم الإجمالي.
ولا ريب إنّ العلم التفصيلي ليس ممّا يتوقّف عليه الأمارة ولا العلم الإجمالي المتوقّف عليه الأمارة ، وعليه ينزّل إطلاق من دفع الدور المتوهّم ـ حسبما تعرفه في بعض صوره ـ بإبداء المغايرة بين الطرفين بالإجمال والتفصيل ، كما لا يخفى.
الأمر الثالث : إنّ كلّما هو من الآثار المترتّبة على الوضع للعالم بالوضع فهو أمارة كاشفة عنه للجاهل به ، فتبادر المعنى من اللفظ المجرّد واستعماله كذلك عند إرادة الإفهام ، وعدم صحّة سلبه عن المورد من الأمارات الدالّة على الوضع ، كما أنّ أضدادها من أمارات انتفاء الوضع.
الأمر الرابع : كلّما هو أمارة دالّة على الوضع فهو أمارة دالّة على الحقيقة ، كما