بعض الأفاضل : مدّعيا لعدم القائل بالفصل : إلاّ أنّ الدلالة في الأوّل بواسطة وضع الأداة والعلامة ، وفي الثاني بواسطة تكسير المفرد وتغييره بإحدى الوجوه المقرّرة في كتب التصريف ، ومرجعه : إلى أنّه بصيغته الحاصلة من تكسير مفرده موضوع للدلالة على حال معنى مفرده من حيث حصوله في ضمن أكثر من فرديه ، كما أنّ العلامة في الأوّل موضوعة للدلالة على حال معنى مدخولها من الحيثيّة المذكورة.
فظهر بجميع ما قرّرناه ضعف القول بكفاية اتّفاق اللفظ في بناء التثنية والجمع مصحّحا ومكسّرا ، وأنّه لا بدّ في الجميع من اتّفاق المعنى ، وإن كان معنى تأويليّا كما في الأعلام.
المقدّمة الخامسة : في أنّ عموم النفي المستفاد من ورود أداة النفي على المنكر أو النكرة لا يجوّز استعمال المشترك في أكثر من معنى ، ولا إرادة جميع المعاني منه ، خلافا لمن توهّمه حيث فرّق في المشترك بين ما وقع في الإثبات وما وقع في النفي ، فجوّزه في الثاني استنادا إلى أنّ النفي يفيد العموم فيتعدّد مدلوله.
وفيه : إنّ التعدّد اللازم لعموم النفي إنّما يعتبر في أفراد الماهيّة أو مصاديق فرد مّا ، وأيّا مّا كان فالأفراد أو المصاديق المتعدّدة ليست معنى اللفظ ولا مرادة من مدخول النفي ، بل المستعمل فيه المراد منه إنّما هو الماهيّة أو فرد مّا ، فإرادة المعاني المتعدّدة أو جميع المعاني منه ليست من لوازم عموم النفي ولا من ملزوماته ليستدلّ به على جوازها.
وتوضيحه : إنّ « لا » النافية للجنس و « لا » المشبّهة بليس وما بمعناها من أدوات النفي الواردة على المنكر أو النكرة ، وإن كانت تفيد العموم وتدلّ على عموم النفي ، إلاّ أنّهم ذكروا إنّ الاولى تدلّ عليه بطريق النصوصيّة والبواقي بطريق الظهور ، ولذا لا يجوز أن يقال : « لا رجل في الدار بل رجلان » ويجوز أن يقال : « ليس في الدار رجل بل رجلان » و « ما في الدار رجل بل رجلان » و « ما رأيت رجلا بل رجلين ».
والسّر في الفرق إنّ « لا » النافية للجنس تقتضي أن يكون مدخولها من قبيل