( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً )(١) وقوله عليهالسلام : « الصلاة عمود الدين » و « الصلاة قربان كلّ تقيّ » و « الصوم جنّة من النار » و « الصوم لي وأنا أجزي به » فإنّ حمل تلك المحمولات على المعرّف باللام ظاهر جدّا في اتّصاف الطبيعة المقرّرة من الشارع المحدثة منه بها ، فهي بحكم عكس النقيض تدلّ على أنّ ما ليس فيه هذه الصفات ليس بصلاة.
وفيه : إنّه لا يرجع إلى محصّل إلاّ تحكيم الإطلاق ، وهو مع فرض الإجمال المسبّب عن جهالة المسمّى المردّد في النظر بين ما هو ملزوم هذا الإطلاق وما هو ملزوم خلافه ، غير معقول.
وعليه فلا يثبت الإطلاق إلاّ على تقدير ثبوت الوضع للصحيحة ، فلو ثبت ذلك بالإطلاق لزم الدور.
ومنها : إنّ العبادات كلّها امور توقيفيّة لا تعرف إلاّ من قبل الشارع اتّفاقا ، فلو كانت ألفاظها أسامي للأعمّ لما كانت كذلك ، لكون المرجع فيها حينئذ إلى العرف دون الشرع.
وفيه : منع الملازمة ، فإنّ العرف إنّما يرجع إليه لمجرّد استعلام كون وضع الاسم للأعمّ وهو القدر المشترك بين الزائد والناقص والأجزاء المتبادلة ، وهذا لا ينافي مرجعيّة الشرع لاستعلام الزوائد وكمّيّتها وما يقبل التبادل وما لا يقبل ، إذ ليس المراد بالزائد والبدل ما يختاره المكلّف اقتراحا واختراعا من قبل نفسه ، بل ما اعتبر الزيادة والبدليّة له الشرع ، ولا يعلم ذلك إلاّ بمراجعة الشرع ، كما يوضح ذلك ما قرّرنا عند تحقيق الثمرة من أنّ القول بالأعمّ يلزمه الإجمال المرادي.
ولا ريب أنّ المراد لا يحرز إلاّ بمراجعة الأدلّة ، ومع عدم وفائها وبقاء الشبهة لا مناص من مراجعة الأصل المتقدّم ثمّة ، وهذا كلّه من جهة أنّ العرف لا مدخل له في إفادة مرادات الشارع على ما ينبغي في ألفاظ العبادات.
__________________
(١) النساء : ١٠٣.