محترمة مع قطع النظر عن شرعيته كالصناعات ـ أو من الأول كما هو الأظهر :
فإن كان من الثاني جاز أخذ الأجرة عليه حتى مع التعيين ، وعدم الاحتياج الى أن يستظهر من أدلته وجوب التبرع به كوجوب التعليم ، حيث أن الظاهر من أدلته أيضا التبرع وعدم الأجرة خصوصا بعد ملاحظة حرمة الرشوة على القاضي ، فإنه لو لم تشمل مثل الجعل فلا أقل من تقويته لذلك الاستظهار ، وان كان من الأول فلا بد أيضا من النظر في انه كوجوب التعليم أو كأداء الشهادة ، بأن يكون القضاء حقا من حقوق المسلمين على القضاة. وعلى الثاني فقد عرفت عدم جواز أخذ الأجرة عليه بمقتضى الشرط الأول ، وأما على الأول فقضية ما ذكرنا الفرق بين صورتي الانحصار وعدمه ، لكن عرفت استظهار التبرعية من أدلة القضاوة مطلقاً
التقاط
[ ما يثبت به ولاية القاضي ]
تثبت ولاية القاضي بالبينة العادلة كما هو الأصل في الموضوعات كلها الا ما ثبت فيه الاحتياج إلى الأكثر أو الأقل ، وكذا تثبت بالاستفاضة على ما صرح به غير واحد من الأصحاب منهم المحقق والشهيدان ، وذكروا استطرادا أمورا أخر تثبت بها كالنسب والملك المطلق والموت والنكاح والوقف والعتق ، ولا بد أولا من بيان المراد بالاستفاضة في المقام :
اعلم أن « الاستفاضة » استفعال من « الفيض » وقد أطلق مجردا ومزيدا على معان متقاربة ، قوله تعالى « أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ » (١) أي ادفعوا من حيث دفع الناس ، ومنه الإفاضة من العرفات ، أي الدفع بكثرة ، ويقال أفاض السيل فيضا إذا كثر وسال ، وفاض الإناء فيضا امتلأ.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٩٩.