ومما ذكرنا ظهر ما في كلام من زعم أن العسر مانع عن المطالبة ، وليس عدم المال والمكنة شرطا وسببا لحرمة المطالبة. ويتفرع على ذلك أن دعوى الإعسار مطابق للأصل ، لأنه في الحقيقة دعوى لأمر عدمي ، أعني عدم اليسار على الوجه الذي بينا. وعليه اتفقت كلمات الجل أو الكل ، حيث يعللون يمين المعسر بأنه منكر وبأن الإنسان خلق معسرا كما عن الشيخ.
نعم لو بنينا على أن العسر مانع وان حرمة المطالبة متفرع على ثبوت العسر لا أن جوازها مشروط باليسار كان مدعي الإعسار مدعيا مخالفا للأصل.
إذا تمهدت المقدمتان فالكلام في دعوى الإعسار يقع في مقامين : أحدهما دعوى الإعسار بدون العلم بسبق المال ، والثاني دعواه فيما كان هناك مال سابقا أو كان أصل الدعوى مالا مثل القرض وثمن المتاع.
[ دعوى الإعسار بدون العلم بسبق المال ]
( أما الأول ) فظاهر الجل كالمحقق والعلامة والشهيدين « ره » أنه لو أقام فيه على إعساره بينة خلي سبيله.
قال في الشرائع في باب المفلس : وان لم يكن له مال ظاهر ـ أي للمفلس ـ وادعى الإعسار فإن وجد البينة قضى بها وان عدمها وكان قبلا له أصل مال أو كان أصل الدعوى مالا حبس حتى يثبت إعساره ، وإذا شهدت البينة بتلف أمواله قضى بها ولم يكلف اليمين ولو لم تكن البينة مطلعة على باطن أمره ، أما لو شهدت بالإعسار مطلقا لم تقبل حتى تكون مطلعة على باطن أموره بالصحبة المؤكدة ، وللغرماء إحلافه دفعا للاحتمال الخفي ، ولو لم يعلم له أصل مال وادعى الإعسار قبلت دعواه ولا يكلف البينة وللغرماء مطالبته باليمين ـ انتهى موضع الحاجة من كلامه قدسسره.