وفي مجمع البحرين بعد ذكر جملة من إطلاقات فاض : وأفاض واستفاض الحديث شاع في الناس واشتهر ، فهو مستفيض اسم فاعل ، ومنه « أثر مستفيض » أي مشهور.
لكن الظاهر أن هذه الإطلاقات مع ما بها من التفاوت والمغايرة الضعيفة صادرة من مصدر واحد ، ومعنى جامع بين الكل ، لأنا ذكرنا أن دأب العرب التعدي من المعنى الأصلي الى ما يقاربه ويناسبه في الجملة بنحو من التوسع ، من غير استناد إلى القرائن ليكون تجوزا أو وضعا آخر ليكون مشتركا أو منقولا. ولعل الجامع هو التراكم والتكاثر ، فإنهما يمكن انطباقهما على جميع هذه الاستعمالات ولو بضرب من التوسع والتسامح كما لا يخفى على المتدرب.
وفي اصطلاح الأصوليين عبارة عن خبر جماعة تزيد على الثلاثة وتقصر عن حد التواتر.
وأما في اصطلاح الفقهاء فقد صرح في الروضة بأنه لا حد له ، الا أنه يعتبر أن يزيد عن عدد البينة العادلة ، ليحصل الفرق بين العدول وغيره.
وأيضا المستفيض في الأصول معدود من الاحاد التي لا تفيد العلم ، وأما عند الفقهاء ففيه إجمال واشتباه ، لان ظاهر المحقق على ما استظهره ثاني الشهيدين اعتبار حصول العلم بالاستفاضة ، ونقل عن بعض الاكتفاء بالظن المتقارب المتاخم وعن بعض الاكتفاء بمطلق الظن ، بل ظاهر بعض مشايخنا أن خبر جماعة من المسلمين بنفسه حجة في هذه الأمور ، بل في غيرها أيضا تعبدا محضا مجردا عن الظن مستظهرا بظاهر بعض الروايات.
وتحقيق المسألة : هو أن غرض الأصحاب بها ان كان هو الخبر المفيد للعلم فيرد عليهم أنه لا وجه للتخصيص بالاستفاضة ولا بهذه الأمور السبعة ، لأن العلم في مثل المقام متبع من أي شيء حصل وفي أي مقام يفرض ، لان مفروض كلام