وما نحن فيه من هذا القبيل ، فان العسر اسم لمرتبة من المكنة بملاحظة فقدانها للمكنة الموجودة في صورة اليسار ، لكن مناط الحكم الشرعي ـ وهو حرمة المطالبة ـ الظاهر هو ذلك المفهوم العدمي.
وحاصله : كون اليسار الذي هو عبارة عن مقابل ذلك العدمي شرطا لجواز المطالبة لا كون الإعسار مانعا ، وان كان ظاهرا صدر قوله تعالى « وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ » (١) ذلك ، لكن ذيلة ظاهر فيما قلناه ، أعني كون اليسار شرطا للمطالبة و
عدم اليسار موضوعا لحرمة المطالبة دون العسر الذي هو الوجودي. توضيح ذلك : أن معنى الانظار هو الإمهال ، والإمهال أمر عدمي محض وقد علق وجوبه بمقتضى صدر الآية على العسر الذي قد عرفت أنه أمر وجودي ملحوظ فيه أمر عدمي.
وتعليق أمر عدمي على شيء وجودي يدل على مانعيته للوجود ، كما في قوله عليهالسلام « إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء » (٢) فان أخذنا بظاهر الصدر لزم الحكم بأن العسر هو المانع عن المطالبة وأنه الموضوع للحكم الشرعي.
لكن لما كان ملاحظة عدم اليسار معتبرا في معنى العسر جاز أن يقال ان : تعليق الإمهال على العسر باعتبار كون ذلك المفهوم العدمي الذي هو لازمه سببا لعدم المطالبة وكون نقيضه الذي هو اليسار شرطا لجوازها.
وهذا الاحتمال في نفسه خلاف ظاهر الصدر ، لكن إذا نظرنا الى نفس الإنظار إلى حصول الميسرة فيتعين ذلك ، لأنه صريح في أن الميسرة شرط لجواز المطالبة شرعا كما أن القدرة شرط للتكليف عقلا ، فيكون سبب الحرمة عدم ذلك الشرط لا الأمر الوجودي المقارن له ـ أعني الإعسار.
__________________
(١) سورة
(٢) الوسائل ج ١ ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ١ بلفظ « إذا كان الماء قدر كر. ».