هذا كلّه ، مضافا إلى ما عرفته من الأجوبة عن الاستدلال برواية « الغوالي » (١) ، مضافا إلى أنّ النهي لا يدلّ في المعاملات على الفساد ، فكيف يدلّ على فساد غير المنهي عنه أيضا؟! على أنّ معاملات الغاصب فاسدة إجماعا ونصوصا بالنسبة إليه ، لا غيره أيضا بعد رضا المغصوب منه ، بل لو رضي أحد المتعاقدين دون الآخر تكون صحيحة له دون الآخر ، بل الظاهر أنّ الأمر كذلك لو رضي الغاصب في بعض الأفعال أو الأحوال.
وبالجملة ، بعد الرضا ترتفع الغصبيّة ويحلّ ويصحّ ، ومع جميع ذلك كيف لا يمكنه التصحيح لنفسه؟ والفساد لخصوص الغاصب ما دام كذلك غير مانع أصلا ، ينادي بذلك إجماع الفقهاء.
على أنّ جميع معاملات الجائرين ـ من الإجارة والمزارعة وغيرهما ـ في الأراضي المفتوحة عنوة ، وجميع أنفال الأئمّة عليهمالسلام ، والزكاة ، ونحو ذلك حرام أشدّ ما يكون ، وغصب بأشدّ ما يكون (٢) ، لكون الحقّ للمعصوم عليهالسلام ، أو للفقهاء أيضا مثلا في البعض ، فكانت المعاملات المذكورة فاسدة أشدّ ما يكون بالنسبة إلى الجائرين ، ومن لم يرض المعصوم عليهالسلام ، وصحيحة بالنسبة إلى من رضي عليهالسلام وبالنسبة إلى أنفسهم المقدّسة.
وثبت ما ذكر من الأخبار الكثيرة أيضا ـ كما مرّ في مبحثه ـ فالكلّ كانت فضوليّة صحيحة وفاسدة معا ، من جهة الإمضاء وعدمه منه عليهالسلام.
وينادي أيضا ، ما ورد من أنّ الباقر عليهالسلام صرّح بصحّة العقد الفضولي
__________________
(١) عوالي اللآلي : ٢ ـ ٢٤٧ الحديث ١٦.
(٢) لاحظ! الحدائق الناضرة : ١٨ ـ ٢٩٥.