وبالجملة ، غاية ما يظهر من الخارج أنّ كلمة « على » فيها ليس مستعملا في الوجوب العيني ، بل مطلق الوجوب ، أعني القدر المشترك بين العيني والتخييري ـ الّذي هو في الحقيقة معنى الوجوب ـ والواجب التخييري أحدهما واجب قطعا لا محيص عنه.
ثمّ ، لا يخفى أنّ قوله : يحتمل .. إلى آخره (١) إن أراد أنّ الإخبار حينئذ مجرّد الحكاية ، فبعده ظاهر ، وإن أراد أنّه للعمل والثمر الشرعي ، فمطلوب المستدلّ حاصل ، فتدبّر.
وبالجملة ، أمثال هذه المناقشات تخالف الطريقة المستمرّة في الاستدلال ، وربّما يؤدّي إلى سدّ باب كثير من الأحكام ، ألا ترى أنّه رحمهالله اختار آنفا ذهاب حقّ المدّعي بنكوله كما عليه الأكثر ، واستدلّ بالأخبار الدالّة على أنّه إن لم يحلف فلا حقّ له ، ومع ذلك وافق غيره في أنّه إن ذكر لنكوله وإبائه عذرا محتملا لم يسقط ، بل زاد وقال : ينبغي أن يسأل الحاكم .. إلى آخره (٢) ، ولم يناقش في الأخبار من هذه الجهة أصلا.
والظاهر من كلام من عثرت على كلامه من القائلين بالقضاء بنكول المنكر أنّ نكوله مثل نكول المدّعي في أنّه بمجرّد الإباء عن الحلف يقضى عليه بالحقّ ، إلّا أن يردّ على المدّعي ، كما أنّ المدّعي بمجرّد نكوله يقضى عليه بسقوط حقّه إلّا أن يظهر عذرا محتملا ، ولعلّ ظاهر صحيحة ابن مسلم (٣) ، ورواية عبد الرحمن (٤)
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ١٤٧.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ١٤٧ ، وفيه : ( ينبغي أن يفصّل الحاكم ).
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ١٤٤ ، تهذيب الأحكام : ٦ ـ ٣١٩ الحديث ٨٧٩ ، وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ٣٠٢ الحديث ٣٣٧٩٩.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ١٤٤ ، الكافي : ٧ ـ ٤١٥ الحديث ١ ، وسائل الشيعة :