النادر منهم ، وعرفت أنّ كثيرا من الأخبار المذكورة صحاح باصطلاح المتأخّرين أيضا ، وكلّها صحاح باصطلاح القدماء ، ومعمول به وحجّة عند الكلّ ، إلّا عند (١) مثل الشارح.
وأمّا صحيح ابن يقطين (٢) ، فلعلّه وارد بالنسبة إلى بلده ـ وهو بغداد ـ فإنّه كان في غاية الظلم ، ونهاية كثرة الناس فيها ، فلو جوّز لهم لم يبق ثمر في يوم واحد ، وهو عين الإفساد المنهيّ عنه في هذه الأخبار ، مع اتّفاق الفقهاء ، بل وأدون منه كما مرّ في الشرائط ، سيّما مع اشتراط عدم مظنّة الكراهة.
ويشير إليه ما في مرسلة متروك (٣) ، فإنّه ظاهر أنّه بالنسبة إلى مثل بغداد لا الموضع الّذي ندر الأخذ منه ، مع قابليّة الحمل على التقيّة ، فإنّ سلاطين الجور كيف كانوا يرضون بصدور أمثال ذلك بالنسبة إلى رعيّتهم! مع أنّهم أيضا يتضرّرون لما كانوا يأخذون من الخراج ، بل كان لهم ولسائر المنصورين (٤) والخدمة والعساكر زروع غاية الكثرة ونحوه ، فلا شكّ في عدم رضاهم ، بل وإبائهم ، سيّما وعلي بن يقطين هو الوزير من طرفهم ، المأمور منهم بازدياد مداخلهم ، كما هو عادة الوزراء ، والمروي عنه أيضا الكاظم عليهالسلام ، وهو عليهالسلام كان في شدّة من التقيّة ، ورواياته عالية فيها ، إذ ربّما كان العامّة أيضا لا يرضون بالأكل ،
__________________
(١) في ألف : ( لا عند ).
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ١١ ـ ٣١١ ، تهذيب الأحكام : ٧ ـ ٩٢ الحديث ٣٩٢ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٢٢٨ الحديث ٢٣٥٥٨.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ١١ ـ ٣١٠ ، تهذيب الأحكام : ٦ ـ ٣٨٥ الحديث ١١٤٠ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٢٢٧ الحديث ٢٣٥٥٧ ، وفي تهذيب الأحكام ووسائل الشيعة : ( مروك ) بدلا من ( متروك ) ، وهو الصحيح ظاهرا.
(٤) في ألف : ( المتضرّرين ).