وما ذكره بقوله : ( وكذا ما كانت .. إلى آخره ) (١) تحقّق ما ذهب إليه الفقهاء ، لأنّ العوام لا يجوز (٢) لهم سوى تقليد الفقهاء ، ولا يمكنهم غيره بلا شبهة ، وهم أيضا ما كانوا يبنون أمورهم الشرعيّة إلّا عليه ، ففي زمان العلماء إلى زماننا هذا يكون الأمر على ما ذهب إليه الفقهاء قطعا ، فكذا قبل زمانهم إلى زمانه عليهالسلام ، لاتحاد حالهما كما اعترف به.
مضافا إلى أصالة عدم التفاوت وعدم النقل ، بل اليقين بذلك ، لاستحالة أن يكون الأمر قبل زمانهم إلى زمانهم بنحو آخر بالاتفاق والمعلوميّة ، ومع هذا يكونون بأجمعهم يتّفقون على خلافه (٣) مع كمال تبحّرهم واطّلاعهم وديانتهم وتقواهم. إلى غير ذلك ، وإن بني على أنّ الأمر كان من الضروريّات من الدين ، ولذا خالف العوام فقهاءهم وكان الحقّ مع العوام عنده ، فيلزم من ذلك كفر جميع الفقهاء رضوان الله [ عليهم ] ـ العياذ بالله منه ـ مع أنّ الوارد في الأخبار أنّهم حجج الله على الفقهاء ، والفقهاء حجج على الخلق (٤). إلى غير ذلك ممّا هو أشدّ منه وأظهر.
وبالجملة ، الفقهاء متّفقون على أنّ كلّ عقد يجب الوفاء به إلّا أن يثبت خلافه ، وإن كان العقد من الأفراد النادرة والفروض الغريبة ، والكلّي إذا كانت له أفراد متبادرة شائعة وأفراد ليست كذلك ، ففي مقام الحكم عليه بالعموم ، منهم من خصّه بالمتبادرة ، ومنهم من عمّمه ، ومنهم من فصّل بأنّ العموم إن كان من طريق
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٤٣.
(٢) ورد في د ، ه : ( لأنّ ما ذكره إن كان من البديهيّات فيلزم كفر الفقهاء ـ العياذ بالله ـ منه ، وإن كان من النظريّات فلا يجوز ) بدلا من : ( لأنّ العوام لا يجوز ).
(٣) ورد في د ، ه : ( لاستحالة كون الأمر في أزمنة ظهورهم عليهمالسلام على خلاف ما اتّفقوا عليه مع اتّصال زمانهم بتلك الأزمنة ) بدلا من : ( لاستحالة أن. على خلافه ).
(٤) كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨٤ ـ ٤٨٥ ، الاحتجاج للطبرسي : ٤٧٠.