ولنتبع هذا الباب بهذه الآية وهي
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) (١).
اشتملت هذه الآية على أحكام ثلاثة :
١ ـ النهي عن إمساك الزّوجة مع عدم القيام بحقوقها على وجه المضارّة بها حتّى تموت فيرثها فعلى هذا يكون ( كَرْهاً ) منصوبا على الحال أي وهنّ كارهات لذلك ، والمصدر بمعنى الحال وقيل : كان الرّجل إذا مات وله قريب من أب أو أخ أو حميم عن امرأة ألقى ثوبه عليها ، وقال أنا أحقّ بها من كلّ أحد فقيل ( لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً ) أي تأخذوهنّ على سبيل الإرث كما تحاز المواريث وهنّ كارهات لذلك ، على قراءة كرها بالفتح ، أو مكرهات على قراءة كرها بالضمّ فعلى الأوّل الموروث نفسها وعلى الثاني مالها (٢) وقيل الخطاب للأولياء والأقرباء ، لأنّهم كانوا يمنعون المرأة القريبة من التزويج ليكون مالها لهم من غير مشارك.
٢ ـ قوله ( وَلا تَعْضُلُوهُنَّ ) أي تحبسوهنّ عندكم لا لرغبة فيهنّ بل مضارّة لتفتدي نفسها منه بالمهر كلّه أو بعضه وظاهرها يدلّ على قول ابن المسيّب.
٣ ـ أنّها مع الإتيان بالفاحشة ، يجوز عضلها ، فقيل الفاحشة الزنا وقيل سوء العشرة ، وشكاسة الخلق ، وإيذاء الزّوج والأصحّ الأوّل فإذا ثبت ذلك فيها شرعا جاز حبسها ومضارّتها لتفتدي نفسها وقيل نسخ ذلك بوجوب الحدّ ، وبه قال قتادة.
__________________
(١) النساء : ٢٤.
(٢) بل بالعكس.