٧ ـ يرد على قوله تعالى ( فَلا جُناحَ عَلَيْهِما ) سؤال وهو أنّ المرأة تعطي ما هو لها فأيّ جناح عليها في ذلك حتّى ينفى ، وأجيب بوجوه :
الأوّل جواب الراونديّ وهو أنّه لو خصّ الرّجل بالذكر لأوهم أنّها عاصية وأن كانت الفدية له جائزة ، فبيّن الاذن لهما لئلّا يوهم أنه كالربا المحرّم على الآخذ والمعطي.
الثاني : جواب الفرّاء أنّه كقوله تعالى ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) (١) والإخراج إنّما هو من الملح دون العذب فجاز للاتّساع.
الثالث ما قاله الراونديّ أيضا الّذي يليق بمذهبنا أنّ المبيح للخلع هو ما لولاه ، لكانت المرأة به عاصية ، فهما مشتركان في أن لا يكون عليهما جناح إذا كانت تعطي ما نفى عن الزّوج فيه الإثم فاشتركت فيه لأنّها إذا أعطت ما يطرح الإثم احتاجت هي إلى مثل ذلك أي أنّها نفت عن نفسها الإثم بأن افتدت لأنّها لو أقامت على النشوز والإضرار لأثمت ، وكان عليها جناح في النشوز فخرجت عنه بالافتداء.
الرّابع ما خطر لهذا الضعيف وهو أنّه لمّا كان النكاح مرغّبا فيه ومندوبا إليه ، بل ربّما آل إلى الوجوب فالساعي في رفعه على حدّ الخطيئة والجناح فالمرأة لمّا بذلت الفدية ورغّبته في فراقها فقد شاركته في إزالة ذلك الفعل المرغّب فيه المندوب إليه ، بل ربّما ألجأته إلى ذلك بإظهار كراهيتها له فنفى عنها الجناح لموضع الافتداء.
٨ ـ لا يحلّ للزّوج أخذ الفدية لو كان هو سببا لكراهتها له ، بأن يكرهها بالتقصير في حقوقها ليحملها على كراهيتها له فتبذل الفدية ، واستفيد من قوله ( فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) أنّه لا يقع ذلك من المتبرّع وأنّه لا بدّ فيه من المعلوميّة لاقتضاء عقود المعاوضات العلم بالعوضين وأنّه يكون مملوكا لها أيضا لعدم جواز التصرّف في ملك الغير.
__________________
(١) الرحمن : ٢٢.