__________________
فالعرف واللغة لا يفهمان من ذلك الا التعدد ووقوع الفعل مرة بعد اخرى ، وبعد أن ذكر أن الآية لا تدل على البينونة بمجرد قول الزوج لزوجته : أنت طالق ثلاثا قال :
فهذا كتاب الله ، وهذه سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهذه لغة العرب ، وهذا عرف التخاطب ، وهذا خليفة رسول الله والصحابة كلهم في عصره ، وهم يزيدون على الالف قطعا على هذا المذهب ، ثم استعرض جماعة من التابعين وتابعي التابعين يفتون بوقوعه واحدة.
وقد أطال ابن القيم في إعلام الموقعين القول في المسئلة ، والأحاديث فيها والدلائل وأوضح معنى قوله تعالى ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) بالآيات والأحاديث وهو أن معناها أنه يكون مرة بعد مرة.
ثم قال : وما كان مرة لم يملك المكلف إيقاع مراته كلها جملة كاللعان ، فإنه لو قال أشهد بالله أربع شهادات انى لمن الصادقين كان مرة واحدة ، ولو حلف في القسامة وقال : اقسم بالله خمسين يمينا أن هذا قالته كان ذلك يمينا واحدة ، ولو قال المقر بالزنا : أنا أقر أربع مرات أنى زنيت ، كان مرة واحدة ، فمن يعتبر الأربع لا يجعل ذلك إلا إقرارا واحدا ، ثم ذكر آيات وأحاديث أخرى كالاستيذان ثلاث مرات.
ثم ذكر أن الصحابة كانوا مجمعين على أنه لا يقع الطلاق بالثلاث مجتمعة إلا واحدة من أول الإسلام إلى ثلاث سنين من خلافة عمر ، وان هذا الإجماع لم ينقضه إجماع بعد.
ثم سمى بعض من أفتى من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ، وأن الفتوى بذلك تتابعت في كل عصر وكان من أتباع الأئمة من أفتى بذلك فبعد ما ذكر أتباع التابعين قال : فأفتى به داود بن على وأكثر أصحابه وأفتى به بعض الحنفية ، وأفتى به بعض أتباع أحمد.
ثم لما كان ظاهر قضاء عمر في ذلك تلاعبا بكتاب الله وسنة نبيه ، بل وإجماع المسلمين فتأوله ابن القيم الجوزية فبين أن اجازة عمر الثلاث لما تتابع الناس في الطلاق تأديب لهم على مخالفة ما شرعه الله في الطلاق من كونه يوقع المرة بعد المرة ، ليرجعوا إلى السنة ووجه ذلك بالنسبة الى ذلك الوقت وذكر روايات في تأييده.
ثم بين أن المصلحة الان تقتضي الرجوع إلى الكتاب ، وما مضت به السنة في عهد النبي صلىاللهعليهوآله والخليفة الأول ، فرارا من مفاسد التحليل التي هي من أكبر العار على المسلمين ـ الى آخر ما قال.