__________________
محمل دقيق لهذا الحديث الا أنه لا يوافق ما جاء في هذا الحديث أن عمر بعد ذلك أمضى الثلاث ، إذ هو ما أمضى الثلاث المتفرقة لغير المدخول بها ، بل أمضى الثلاث دفعة للمدخول بها وغير المدخول بها ، فليتأمل ، ثم قال : فالوجه في الجواب أنه منسوخ ، وقد قررناه في حاشية مسلم وحاشية أبي داود.
قلت : ويضعف ما ذكره من النسخ ما ذكره في سبل السلام عند الكلام في الأجوبة الستة فقال في الجواب بالنسخ : أنه يضعفه قول عمر : ان الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة إلخ ، فإنه واضح في انه رأى محض لا سنة فيه ، ثم قال : وما في بعض ألفاظه عند مسلم انه قال ابن عباس لأبي الصهباء : لما تتابع الناس في الطلاق في عهد عمر فأجازه عليهم.
قلت : ولعله إشارة الى ما أخرجه مسلم في صحيحه بشرح النووي ج ١٠ ص ٧٢ عن طاوس أن أبا الصهباء قال لابن عباس : هات من هناتك ، ألم تكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبى بكر واحدة؟ فقال : قد كان ذلك ، فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق ، فأجازه عليهم.
قال النووي في شرحه : كانت لهم فيه أناة : هو بفتح الهمزة أى مهملة وبقية استمتاع لانتظار المراجعة و « تتابع » هو بياء مثناة من تحت بين الالف والعين هذه رواية الجمهور وضبطه بعضهم بالموحدة ، وهما بمعنى ، ومعناه أكثروا منه وأسرعوا إليه ، لكن بالمثناة إنما يستعمل في الشر ، وبالموحدة يستعمل في الخير والشر. فالمثناة هنا أجود.
وقوله « هات من هناتك » هو بكسر التاء من هات والمراد بهناتك إخبارك وأمورك المستغربة.
والحاصل أن النص القرآنى الصريح والسنة الثابتة عند المحدثين عن النبي صلىاللهعليهوآله وإجماع المسلمين المتحقق في زمانه وشطرا من الزمن بعد وفاته على أنه لا يتحقق إلا واحدة.
قال ابن القيم الجوزية في ص ٤٤ ـ ٤٦ ج ٣ من أعلام الموقعين : ان قوله تعالى : ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) لا يفهم منه الا وقوع الطلاق مرّة بعد مرة ، وأيد ذلك بقوله تعالى ( سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ) وبقول الرسول صلىاللهعليهوآله « لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين »