لا يقال : إنّه راجع إلى الإمساك المراد به المراجعة ، لأنّه أقرب من الطّلاق لأنّا نقول الأقربيّة لو كانت مرجّحة لكان عوده إلى الفراق لكونه أقرب أولى.
إن قلت : إنّ الفراق هنا ترك الرّجعة ، وترك الشيء لا يحتاج إلى الإشهاد لكونه أصلا بعد وقوع الطّلاق فلهذا الوجه لا يرجع إلى الفراق ، قلت : إنّ ما ذكرتم من اعتبار القرينة هو عين مرادنا ، إذ هو خروج عن دعوى كون القرب مرجّحا ورجوع إلى القرينة ، وإذا كان الاعتبار بالقرينة فهي حاصلة في الطلاق لاحتياجه إلى الإشهاد غاية الاحتياج ، لجواز وقوع النزاع في وقوعه وعدمه ، فيحتاج إلى طريق في إثباته لو ادّعى وقوعه ، وذلك بالإشهاد إذ ليس غيره إلّا اعتراف الزوجة ، فيجوز عدمه ، أو يمينها فيجوز أيضا عدم علمها ، أو ردّ اليمين على الزّوج فيجوز موته ، ويكون النزاع مع ورثته.
ولا يستبعد رجوعه إلى الطلاق وإن كان بعيدا مع وجود القرينة وعدم الفصل بكلام أجنبيّ ، فإنّ القصّة واحدة ، ونظيره في الكلام أن يقول الرّجل لوكيله « اشتر من فلان سلعة كذا ، وبع على فلان سلعة كذا ، واقبض الثمن ، وسلّمه إلى البائع ، وأهد السلعة إلى فلان ، وأشهد عليه ذوي عدل » في أنّ الإشهاد يعود إلى ما يحتاج إلى الإشهاد هذا مع أنّه يمكن عود الأمر بالإشهاد إليهما معا.
إن قلت : عوده إليهما يستلزم تساوي الطّلاق والرّجعة في وجوب الإشهاد واستحبابه ، وأنتم لا تقولون به ، بل بالوجوب في الطلاق والاستحباب في الرّجعة.
قلنا فحينئذ يكون من المجملات الّتي بيّنها العترة الطاهرة بتفصيل أحكامها بأن يكون لمطلق الرجحان ، فمع قيد عدم جواز الترك يكون في الطّلاق ومع قيد جوازه يكون في الرّجعة ، ثمّ إنّه تعالى أمر بإقامة الشهادة لله لا لرغبة أو رهبة وأخبر بأنّ ذلك المنتفع بالأمر هو المؤمن بالله واليوم الآخر.
الثالثة ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ